القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

قصة: الصدمة

 
الخميس 28 كانون الأول 2023

 
رشاد شرف

كان حلمه أن يصل إلى دولة أوربية، حيث جنات النعيم والحرية. اخترق الغابات و الأنهار، الأودية و الجبال، ركب البحر. كاد أن يرى فلذات أكباده، وهم يغرقون أمام عينه.كان يقول دائما في قرارة نفسه: سوف أعمل المستحيل من أجل سعادة أطفالي، لكي لا يعيشوا الذل والهوان الذي تجرعته.

وصل إلى مبتغاه. بعد أن سلموه شقة، تنفّس الصعداء، و دفعوا له مبلغا من المال بما يعادل أربعة أضعاف مما كان يتقاضاه من راتب خلال عام كامل في وطنه ليجهز عفش البيت، و خصصوا له راتباً، فأخرج الآلة الحاسبة من جيبه فحوّل ما سيتقاضاه في بلاد الغربة إلى عملة بلاده.


أدار رأسه نحو زوجته بافتخار إنها مبالغ محرزة، أليس كذلك يا حبيبتي ؟ تذكّر أنه منذ مدة لم يقل لها حبيبتي، ربما كان هذا خوفاً من المصير المجهول. و تقرب منها بعد أن إطمأن قلبه على مصيرهم، رسا على بر الأمان.

اشتهى أن يقبلها. لكنها ابتعدت قليلا و قالت: لا تنسَ أن المبلغ ليس لك وحدك . فقال; متى كنا نتقاسم المال؟ ما كنت أملك كان دائما بحوزتك. فأردفت: الآن اختلف الوضع يا ٠٠٠٠نحن في بلد ديمقراطي والكل له حقوقه. أ

شعر بحسرة، ومرت الأيام وروابط الأسرة تتآكل شيئاً فشيئاً. تذكر لما كانت أفكار الهجرة تراوده. تقول له زوجته: لا نستطيع أن نتحمل يوماً واحداً دون أن نرى دفء عينيك. ألا ترى أطفالك كيف ينتظرون عودتك من العمل؟ يراقبون الشمس حتى تغيب. و لدى وصولك ينشدون أنشودتهم اليومية: بابا جاي بابا جاي حتى يسمعهم الجيران، و يفكرون بأنك قادم من وراء البحار. أجهش في البكاء، وترتمي بنفسها في أحضانه. لذا جلب معه عائلته و خاطر بهم. شق دروباً مظلمة وعرة و شائكة، و قلبه يعتصر ألما في أي أرضٍ سيستقر؟

ذات يوم ألم صدره بحرقة، لم تأبه به زوجته و أولاده. ذهب إلى الطبيب بمفرده. في العودة، كانت تقاسيم الموت مرسوماً على محياه، حاملاً كيس الأدوية في يدٍ وفي الأخرى استند إلى الحائط. لم يسأله أحد مايؤلمك؟ قال: الطبيب المختص أخبرني، بأنني لن أعيش طويلاً. ضحكت زوجته ملء شدقيها، فسمعها الجيران في الطوابق العليا. أما أولاده فتابعوا أكل البوظة بنهم.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 7


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات