القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

قصة: من مدوَّنة خنفساء الغائط « الجُّعَل » ( قصص قصيرة جداً )

 
الثلاثاء 06 حزيران 2023


إبراهيم محمود

1
موسم الخراب

عادت دويبة الجُّعَل إلى جحرها بطيئة حزينة.
سألها صغيرها: أراك تعبة يا أماه .
سكتت لبعض الوقت، وتنهدت، ثم قالت:
وكيف لا أكون حزينة وتعِبة ، هناك ما يهدد نسلنا، إذا استمر الوضع هكذا.
استفسر صغيرها عما يجري، فردت أمه قائلة:
أمضيت وقتاً طويلاً بحثاً عن قطعة غائط قوتَ يومكم دون جدوى. يبدو أن هؤلاء لم يعودوا يتغوطون. إن رزقنا في مؤخراتهم ومؤخرات دوابهم.. ولم أعثر على شيء لا من هذه ولا من تلك .


2
غير مسبوق

فرحت مجموعة جِعلان لمرأى بقرة ترعى في الجوار.
هرعت إليها، وهي تنتظر ساعة الفرج، وملؤها جوع.
كانت عيونها معلَّقة على مؤخرة البقرة .
أمضت وقتاً طويلاً، ولم يخر شيء من مؤخرتها .
استغربت ذلك، وقالت إحداها:
-هل توقفت البقرة بدورها عن طرح روثها ؟
واحدة منها رفعت صوتها متوترة:
انظري ماذا يوجد في أعلى مؤخرتها .
دققت النظر، وقد فاتتها التدقيق قبل ذلك، وصدرت عنها صرخة فزع توجُّع :
يا للكارثة !
الكلمة الوحيدة التي تردد صداها في الجوار.
كان هناك وعاء مفتوح من الأعلى مشدود إلى مؤخرة البقرة، وما أن تروث حتى يسقط روثها فيه.

3
شبيه السوء

سألت دويبة الجعل أختها دويبة الجعل:
-أرأيتَ ما يردّده هؤلاء المتغطرسون عنا يا أختاه ؟
-ماذا يردّدون؟
-يشبّهون الأسود الدميم واللجوج  بنا. أليس هذا تجنياً علينا وعلى خلْقتنا ؟
-طالما أنهم لا يعرفون أنفسهم. لن يتركوا شيئاً إلا ويغيّرون في معناه سلباً، وما هذا الخراب الذي يفعلونه إلا شاهداً عليهم .

4
سؤال 

سأل صغير دويبة الجعل أمَّه، وهو يراها تدحرج كرةَ الروث بمؤخرتها:
أماه ، لماذا تدفعين كرة الروث بمؤخرتك ؟
ردت الأم، بعد أن التقطت أنفاسها:
ما يخرج من المؤخرة، يُدفَع بالمؤخرة يا صغيري بالنسبة لنا. ونحن معشر الجّعلان الوحيدون الذين نُعرَف بمثل هذه الميزة، مؤخراتنا تكون مرفوعة عالياً، وهي تدحرج كرة الروث أو الغائط، أو أي شيء يكون مصدر قوتنا، ورؤوسنا في الأرض، دون أن نضل سبيلنا. أرأيت كم نحن مميَّزون عن غيرنا ؟

5
حصاد هزيل

بعد مضيّ ساعات من البحث المضني أدخلت دويبة الجعل كُرَة روثية إلى جحرها.
كانت كرة صغيرة على غير العادة. وهرعت إليها أختها، وهي تتضور جوعاً.
اعترضت صاحبة الكرة طريقها:
إنها كرتي. اخرجي وابحثي أنت مثلي.
تشاجرتا، فتدخلت أمهما قائلة :
جوعٌ يهددنا، ونتقاتل. لا بد أن نكتفي بالقليل، ونحن نتقاسم الكرة، لئلا نموت جوعاً .

6
هذا المائع جداً

عثرت دويبة الجعل على غائط يحتل مساحة مغرية من الأرض. فصاحت: يا لفرحتي.
لكن خيبة أمل أصابتها، وهي تفشل في تشكيل كرة منه ودحرجتها إلى جحرها.
كان مائعاً ويستحيل معالجته بالطريقة المعهودة من قبل الجعلان .
في إحدى محاولاتها انغرزت فيه، وأنقذت نفسها بصعوبة، وابتعدت عنه وهي تردد ساخطة :
ماذا دها هؤلاء ، حتى غائطهم لم يعد كما كان !

7
صيد وفير

تحلقت مجموعة من الجعلان حول كرة روث ضخمة، وعبَّرت إحداها عن فرحتها قائلة:
هناك وليمة كبيرة تنتظرنا، وتكفينا لأسابيع .
كرة الروث الضخمة كانت جاهزة لأن تحوَّل إلى كُرات دائرية ودحرجتِها إلى جهتها المعلومة .
تفرقت الجعلان وهي في حالة فزع شديد، وأصيب البعض منها، حين اندفعت يد بشرية، تتقدمها مجرفة، وهي ترفع كامل كرة الروث إلى صفيحة تحملها باليد الأخرى .

8
مدينة تتاجر بروثها

خرجت دويبة الجعل من المدينة مذعورة، متنقلة بحذر شديد، من زاوية إلى أخرى، وهي تتنبه إلى كل حركة  من حولها، وهي لا تصدّق أنها ستنجو بقشرتها هذه المرة خلاف المرات السابقة.
وهي تردد في نفسها ، وقد تلبَّسها الاستغراب: 
ماذا دها هذه المدينة؟ مدينة أغلقت دورات المياه فيها، لا يتغوط أهلها إلا في القليل النادر، بالكاد تسمع أحدهم يقول للآخر سابَّاً إياه: كُل خرا.. وإن تغوَّطوا يطعِمون غائطهم لحيواناتهم، ويبعون روث حيواناتهم لبعضهم بعضاً، وحتى لمن يطلبه من الخارج دون أي حرج . 
ونحن...ونحن ...ماذا سيحل بنا، إذا استمر الوضع على هذه الحال ؟

9
قرار قطعي

رجعت مجموعة جعلان من جولة تفقدية، بحثاً عن مصدر بديل لرزقها. وأعلمت الجعلة الأمَّ قائلة:
لقد عثرنا على غيطة، ينتشر فيها ورق الشجر المعفن .
بإشارة من الجعلة الأم، توقفت عن الكلام، وهي تسمع كلام الأم :
سنمضي إلى هناك، وسوف نتخذ مما تعفَّن، وورق الشجر خاصة، قوتنا الرئيس، من الآن فصاعداً. ولْننس حكاية الغائط والروث، وقبل فوات الأوان.
سأل صغيرالجعلة أمه: هل انتهت حكاية الغائط والروث ؟
ردت الجعلة في الحال:قولوها لأحفادكم، وعلينا أن نعيش اليوم بصورة مختلفة.
وبإشارة سريعة منها، رفعت صوتها:
لنتحرك، فالوقت ليس لصالحنا ! 

 
ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 6


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات