القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: صراع إضعاف الإرادة في كوردستان سورية

 
الأربعاء 06 اذار 2024


عبداللطيف محمدأمين موسى

إن نضال الشعب الكوردي في كوردستان سوريا والذي انبثق من تعاظم وبروز ملامح النضال القومي في كوردستان العراق، ولاسيما نضال البارزاني الخالد في ثورات أيلول وكولان ليكون له الأثر الكبير في تحفيز الشعب في كوردستان سوريا من أجل مواصلة النضال للحفاظ على هويته الوطنية، والدفاع عن وجوده التاريخي الأصيل ضد كافة المحاولات التي استهدفت صهره في بوتقة فكر وإيديولوجية الأنظمة التي تعاقبت على إدارة السلطة في دمشق، ولاسيما في ظل المستجدات والصراعات التي تلت فترة خمسينيات وبداية ستينيات القرن المنصرم وعلى وجه الخصوص الحرب الباردة بين المعسكرين السوفيتي والغربي وتأثيراته المباشرة على سوريا والتي تعاظمت من خلاله قوة البعث وهوسه في السيطرة والتحكم في مفاصل الحياة المدنية والعسكرية من خلال تصفيته لقيادته القديمة وإحكام قبضته على السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية وإلغاء السلطات المدنية، وفرض الأحكام العرفية وإلغاء الدستور وصياغه دستور يناسب البعث وإيديولوجياته ليقوم بعدها بفرض كلّ إجراءاته القمعية مستهدفاً في ذلك نضال الشعب الكوردي في سوريا وضرب قيم التعايش السلمي بين الكورد والمكوّنات السورية الأخرى.


إن جملة الإجراءات التي عمل البعث على أصدراه بحق المكون الكوردي في سوريا مستهدفاً كسر إرادته المتمثلة في أضعاف الانتماء القومي وإلغاء الهوية الوطنية عبر فرض قانون الإحصاء الجائر الذي حرم الآلاف المؤلفة من الكورد السوريين من الهوية، وكما فرض قانون الإصلاح الزراعي في سياسة واضحة لخلخلة بنية المجتمع الكوردي وضرب تماسكه عبر بناء مستوطنات للعرب الغمر في محاولة واضحة للتغيير الديمغرافي.
نظام البعث فرض الكثير من القوانين والإجراءات الجائرة بحق المكون الكوردي في سوريا ضمن استراتيجية مطولة، وتمتد لعقود، وتتجلى في أضعاف إرادته في البقاء ولتمثل ردة الفعل لديه للانتقام من بروز ملامح النضال القومي وتأثره بفكر البارزاني الخالد المتمثلة في ظهور أوّل كيانٍ سياسيٍّ في سوريا الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا الذي عبر نبل شعاره والذي تمثل في تحرير وتوحيد كوردستان ليعبر هذه الشعار عن النزعة القومية لدى الكورد في سوريا، وليلخص نضالهم من أجل حقوقهم القومية وتعزيز انتمائهم لجغرافيتهم الأصيلة التي لطالما حاولت كافة الأنظمة المتعاقبة على احتلال المنطقة تشتيت هذه الانتماء في التمسُّك بحقوقهم القومية، والتعبير عن نضالهم في مقاومة كافة السياسات التي استهدفتهم عبر القمع وومصادرة حرية التعبير وكم الأفواه وتقييد الحريات وزج المناضلين في السجون ومنع إحياء عيد نوروز في ظل سيطرة البعث، وتفرُّده في قيادة المجتمع والدولة ومستفيداً من المادة الثامنة في الدستور السوري ليعتبر نفسه الحزب القائد للدولة والمجتمع في سوريا.
مع ظهور المتغيرات على الصعيد الدولي من تفكك الاتحاد السوفيتي وهيمنة القطب الأمريكي الواحد على العالم وانهيار جدار برلين وحرب الخليج الأولى والثانية وتغيير نظام صدام في العراق زادت إجراءات البعث ضد الشعب الكوردي في سوريا لمنع تأثره بارتدادات المنطقة وموجة التغيير والبحث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تجلّت في ظهور ما يُسمّى الربيع العربي ورغبة الشعوب في التخلُّص والتحرُّر من حقبة الأنظمة المستبدة في الدول الشرق الأوسطية وإنهاء حالة الديكتاتورية في تلك الدول ليدخل الشعب الكوردي في سوريا بمرحلة جديدة مع بروز ملامح التغير في الربيع العربي إلى سوريا في آذار 2011 والتي تجلّت في التعبير الحقيقي عن التضامن والتعايُش السلمي مع المكونات الأخرى في سوريا مدحضة نظرية التآمر التي لطالما حاول السلطة في دمشق الترويج لها في تعمد واضح لتشويه صورة الشعب الكردي وشيطنة قضيته على مدى عقود عبر استراتيجيته في إذابته وانصهاره في سوريا، ورسم هالة خبيثة عنه في مخيلة السوريين بأن المكون الكوردي يحاول استقطاع أرض من سوريا ومتآمر مع جهات دولية لصالح تفكيك الدولة السورية.
إن مشاركة الشعب الكوردي في سوريا وباقي المكونات في التعبير عن حريته والتخلص من الديكتاتورية كانت السمة الأساسية التي كشفت زيف تلك الهالة التي عمل البعث على رسمها ضد الشعب الكوردي في سوريا، وليأتي تأسيس المجلس الوطني الكوردي في اكتوبر 2011 بمثابة مشروع وطني يشارك فيه الشعب الكوردي باقي المكونات السورية الحالة النضالية ضد سياسات نظام الحكم في دمشق، وليؤكد هذا المشروع وحدة وعظمة التلاحم النضالي بين الشعب الكوردي وباقي المكونات الأخرى في سوريا من خلال المنصات الدولية والاستحقاقات الأممية في المطالبة بسوريا ديمقراطية تعددية تتسع لجميع المكونات على قاعدة المحبة والتعايش السلمي في بناء دولة تكون لكل السوريين، وكما تجلت عظمة ونبل رسالة الشعب الكوردي للتضامن مع السوريين في بناء سوريا والتي حاول نظام البعث تشويهها وشيطنتها بما يخدم استراتيجيته.
تجلت أبرز محطات الشعب الكوردي في سوريا وصراعه المرير مع محاولات إضعاف إرادته من قبل النظام السوري في رفض هذا النظام لتفويت أي فرصة لإشراك الشعب الكوردي في البحث عن أي حلول للمطالبة بحقه في تقرير مصيره عبر حرمانه ورفضه فكرة التوصل مع دمشق ولو في مناقشة أي مقترحات حول حصول الشعب الكوردي على حقوقه الدستورية والقومية، بل لوّح في الكثير من الأحيان في استخدام القوة المفرطة أن انخرطوا مع باقي القوى في المعارضة السورية في أي أعمال عسكرية. حيث لجأ الى سياسة الترهيب والاختطاف ومجزرة عامودا واختطاف الشباب الكورد وسوقهم وتعذيبهم من أجل كسر وإضعاف إرادتهم، وكما تمثلت أبرز محطات صراع الشعب الكوردي في سوريا مع محاولات نظام دمشق في كسر إرادته هي دخول ذلك النظام مع اتفاقيات مع حزب الاتحاد الديمقراطي PYD وتأسيس ما سيمت إدارة ذاتية ليمارس على الشعب الكوردي في كوردستان سوريا سياسات منها مصادرة الحريات ومنع العمل السياسي وحرق المكاتب والتجنيد الإجباري ومنع المظاهرات ضد نظام دمشق ومنع ممارسة العمل الصحفي والإعلامي في إشاره واضحة لمنع وصول رسالة الشعب الكوردي وصورة قضيته الحقيقية الى كل المهتمين به في العالم الخارجي، بل أراد إيصال رسالته الخاصة به من خلال استناده الى أيديولوجية شمولية لا تقبل المشاركة ومنغلقة على نفسها ومنفردة في مصادرة إرادة الشعب في التعبير عن نفسه، كما عانى الشعب الكوردي في ظل هذه الإدارة الذاتية من الكثير من السياسات التي استهدفت كسر وإضعاف إرادة البقاء من خلال جملة من السياسات الاقتصادية التي تمنع استفادة الشعب الكوردي من مقدراته وموارد الطاقة واحتكارها لنفسها ولحكومة دمشق، بل عملت تلك السياسات الاقتصادية المدلجة الى حرمان الكورد من كل مقدرات ومقومات البقاء من عدم توفر المواد الأساسية من طاقة ومحرقات وارتفاع الغلاء وانهيار قيمة العملة وفرض الضرائب على التجار وصغار الكسبة واحتكار كافة مقومات الحياة بل أدخلت تلك الإدارة الشعب الكوردي في سياسات خاطئة مع المكونات الأخرى. حيث عملت على ضرب التعايش السلمي وخلق العدوات بين المكونات عبر إشراك قسم كبير من الكورد في حروب بالوكالة لصالح جهات خارجية وتحت مسمى وحجج مكافحة الإرهاب في صراعات ونزعات وتصفيات وحروب طائفية في الرقة ودير الزور ومنبج وحلب ومناطق أخرى، وهذا الأمر سيعاني الشعب الكوردي من أثره على المنظور البعيد في خلق عداوات كثيرة بين الشعب الكوردي والعربي.
كل تلك السياسات المبرمجة والمدلجة دفعت الشعب الكوردي الى الهجرة وسهلت مخططات التغيير الديمغرافي الذي بدأها نظام دمشق في الكثير من مناطق سوريا من تسويات، ولعل صورة الحافلات الخضر لن تفارق مخيلة الشعب السوري في إخراج السوريين من مناطقهم، ومن أبرز المحطات التي عانى من خلالها الشعب الكوردي وصراعه مع إضعاف وكسر إرادته هي الحرب الإعلامية والنفسية التي تمارسها هذه الإدارة من خلال تشويه صورة المناضلين ونعتهم بالمرتزقة والمحاولة من تقليل دور المجلس الوطني الكوردي في المحافل الدولية، واتهام قادته بالخيانة والعمالة وتشويه صورتهم أمام كل المهتمين بالقضية الكوردية ونعت بيشمركة روجافا بنعوت مسيئة، وإلصاق التُّهَم بهم في عمالتهم لتركيا والكثير من الممارسات والسياسات الأخرى التي يتم من خلالها إضعاف وكسر إرادة الشعب الكوردي في البقاء في كوردستان سوريا وإضعاف نضالهم من أجل الحصول على حقوقهم القومية والوطنية المشروعية .في الخلاصة، لابد من القول بأن كل تلك المحاولات التي استهدفت أضعاف وكسر إرادة الشعب في البقاء لن تضعف من عزيمته بل ستزيده إصرارا في النضال على تعزيز انتمائه للمشروع القومي الذي يقوده المرجع مسعود بارزاني، وفي السعي والتصميم على تمسكه بهويته الوطنية وانتمائه القومي.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات