القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



القسم الثقافي

























 

 
 

مقالات: قراءة في الوضع الراهن – شرق الفرات – بعد عملية نبع السلام-

 
الأثنين 24 شباط 2020


اكرم حسين 

مقدمة :
في البداية لا بد من التأكيد على ان تعقيد الوضع السوري هو نتيجة طبيعية لتعدد الاطراف الاقليمية والدولية التي ترتبط خلافاتها بقضايا لها علاقة بخارج الارض السورية مثل السيطرة والقطبية والخلاف الامريكي الاوربي مع روسيا بسبب احتلالها لشبه جزيرة القرم ودعم الانفصاليين في شرق اوكرانيا وقضايا النفط والطاقة والسلاح  ...وبالتالي فالحل المتوقع لابد ان يكون محصلة متحولة لهذه المؤثرات والعلاقات الدولية المتشابكة في ظل غياب الناظم الوطني الذي يتلمس المصلحة السورية عبر هذه التحولات واستنادا الى المعطيات القائمة والظروف الواقعية لا بد من ان نعرف الوجهة التي تتجه نحوها سوريا والسيناريوهات المتوقعة بالاستناد الى نتائج تحليل علاقات ومصالح الدول ذات النفوذ والعوامل المؤثرة في صيرورة الصراع القائم فيها وعلى ارضها واستقراء التطورات الديناميكية المتحولة.


لقد مهدت الثورات التي حصلت في تونس ومصر وليبيا واليمن لما حصل في سوريا فبعد عقود من القمع والاستبداد بدأ التحرك ببعض الاعمال التي تجاوزت حاجز الخوف والقمع كتظاهرة الحريقة في 17 شباط 2011 والتي كان شعارها (الشعب السوري ما بينذل )وتظاهرة شباب الحميدية في 15 اذار 2011 والاعتصام الذي جرى امام وزارة الداخلية من اجل الافراج عن المعتقلين في 16 اذار 2011 كل هذه التحركات مهدت لانتفاضة درعا في 18 اذار 2011 وقد ادى استخدام النظام للحل الامني وانسداد الافق والحصار وعدم وجود قوى او قيادات ثورية للانتفاضة السبيل للإسلاميين الى اختراق فعاليات الثورة من باب الجيش الحر لامتلاكهم الدعم والمال حيث تشكل هذا الجيش بهدف الدفاع عن المتظاهرين وحمايتهم ، ومان ان رأى النظام عدم تمكنه السيطرة على المظاهرات بالقمع والاعتقال اختار المغامرة على موضوعي العسكرة والاسلمة فكانت الثورة هي الضحية بوصفها ثورة ضد الاستبداد وبذلك دفعت الثمن مرتين مرة من قمع وتسلط النظام ومرة اخرى من تسلط الفصائل المتطرفة لكنه عندما ترنح النظام في 2015 استنجد بالروس والايرانيين الذين تمكنوا من قلب المعادلة على الارض بالاعتماد على القصف المدمر وسياسة الارض المحروقة بينما كان التحالف الدولي منشغلا بالتصدي لتنظيم داعش والذي اقام دولته في سوريا والعراق وبذلك كانت الثورة ضحية لعوامل ثلاث  : قمع النظام وحلفائه واسلمة الثورة وصراعات القوى المتدخلة في الشأن السوري ولتتحول الثورة الى مجرد طاقة كامنة للتغيير 
 ان ما حصل في سوريا هو الاكثر كارثية على مستوى العالم منذ الحرب العالمية الثانية وذلك فيما يتعلق بحجم الخسائر البشرية – (وصل عدد القتلى الى  511  الف حتى شهر اذار 2018 حسب المرصد السوري – اضافة الى مئات الالاف من الجرحى والمعاقين والمعتقلين والمنفيين –كما نزح او هاجر نصف سكان سوريا حيث قدرت الامم المتحدة عدد اللاجئين الى دول الجوار وغيرها بأكثر من 5 ملايين ونصف واكثر من 6 ملايين من المشردين داخليا ). 
وقد اشار تقرير الامم المتحدة لعام 2016 حول سوريا الى حاجة معظم سكان سوريا الى الغذاء والرعاية الصحية وحاجة اكثر من 6 مليون طفل الى التعليم بينما بلغت خسائر سوريا الاقتصادية لأكثر من 250 بليون دولار امريكي حتى العام ذاته . لكن تقرير وزارة الخارجية الالمانية والتي سربته مجلة دير شبيغل في اوائل عام 2019 الى ان 69%من السوريين يعيشون في فقر مدقع لانهم يحصلون على اقل من دولارين في اليوم كما ان اكثر من 18 مليون سوري يعيش على المساعدات في ظل تدمير المشافي والبنية التحتية .
 يمكننا ان ندرج الثورة السورية منذ مطلع 2011 في سياق  بحث السوريين عن دولتهم المفقودة وحقوقهم المهدورة ومواطنيتهم الغائبة .كما ان الكرد قد وجدوا فيها فرصة حقيقية لإنهاء المظلومية التي اثقلت كاهلهم وتحقيق الاعتراف بوجودهم وانتزاع حقوقهم الثقافية واللغوية في اطار دولة المواطنة المتساوية .
لم تحركهم النزعات القومية ولا الدينية ولا الطائفية لكنها الان هي التي تحركهم في معظم ما يقومون به من افعال. فكل من السلطة والقوى العسكرية الاخرى استطاعت ان تقنع جماعاتها بشعارات طائفية او عنصرية او احتلالية او انفصالية في ظل غياب او ضعف الاحزاب الوطنية او الديمقراطية او العلمانية .هذا الوضع شحن التمايز الهوياتي المذهبي وحرض الصراع على خطوط طائفية وقومية ومذهبية .
لكن الصراع المتواصل بعد عمليتي  "غصن الزيتون ونبع السلام " والان قصف ادلب  دفع السوريين بالتحرر من الاوهام السابقة والاجابة على الاسئلة الرئيسية في الصراع : أي دولة نريد ؟ ما هو شكلها وطبيعة نظامها السياسي ؟ هل نريد دولة مدنية ام علمانية ؟ رئاسية ام برلمانية ام مختلطة ؟ مركزية ام لامركزية ؟ وما هي حظوظ الفيدرالية منها ؟.
اسئلة شائكة ومعقدة يجب ان يتوافق السوريون حولها كي يستطيعوا ان يرسموا شكل دولتهم ويصوغوا دستورهم القادم ويتجاوزا ما هم فيه .
لقد حصلت مستجدات عديدة في شمال وشرق الفرات بعد الغزو التركي على منطقتي سري كانيه (راس العين) وكري سبي(تل ابيض) وفي الوضع السوري عامة سأحاول التركيز على ما هو ديناميكي ومتحرك في الوضع العام :
1- ادلب اليوم عنوان رئيسي فيما جرى وما يجري والتساؤل الذي لا بد من طرحه هنا هل تدفع ادلب ثمنا لما حصلت عليه تركيا في شمال وشرق الفرات ؟ وهل كان باستطاعتها ان تحصل على ما حصلت عليه بإبعاد قسد وتفعيل اتفاقية اضنة والقضاء على الحلم الكردي دون ان تدفع ادلب ثمنا لذلك من غير اكتراث  بأرواح السوريين ودمائهم وحصول كوارث انسانية  بسبب عمليات النزوح وانعدام المأوى وعدم  توفر مستلزمات الحياة .
2- افرز الوضع وجود ثلاث قوى رئيسية في شرق الفرات امريكا وروسيا وتركيا اضافة الى قسد التي تفتقد الاطار الرسمي الذي يمكن ان يحميها (دوليا) فما هو موجود قسديا حالة ما دون دولية محمية بالوجود الامريكي والذي اعيد انتشاره في مناطق النفط وباتت قسد على تماس مباشر معه بعد ان انسحبت من الحدود مسافة 32 كم بموجب اتفاقيتي  9 و22 من الشهر العاشر لعام 2019 .
تكمن المشكلة الاساسية لقسد في التهديدات التي تواجهها الان ، ليس من تركيا وحدها بل من الروس والنظام وبعض العشائر الموالية ، فتصريحات اردوغان الاخيرة بضرورة انتزاع النفط من قسد وتوظيفه في بناء المستشفيات والمدارس وانشاء المدن من اجل اعادة مليون لاجئ سوري وتوطينه في المنطقة المسماة بالأمنة يزيد من المخاطر المحيطة بقسد والمنطقة ككل .
3- وجود محاولات حثيثة من الترك والنظام وروسيا لضرب العلاقة الكردية العربية بإشاعة اجواء سوء الظن وانعدام الثقة والعمل على تراكمها من خلال الممارسات التي تجريها مجموعات "الجيش الوطني" الموالية لتركيا من نهب وسلب وخطف يصل الى حد القتل والاستيلاء على الممتلكات الهدف منها تخريب العلاقة بين الكرد والعرب وزرع الضغينة والحقد واقامة مجتمعات عنصرية مغلقة ، وفي هذا الاطار تأتي محاولات النظام وروسيا في رفض التفاوض مع قسد او الادارة الذاتية كممثل عن مكونات شمال وشرق سوريا وحصر تمثيلهم في المكون الكردي.
4- لا شك ان المشكلة الكردية والعربية في مناطق الجزيرة او شمال شرق الفرات هي واحدة لا تتجزأ وقضاياها متداخلة ومترابطة فيما يتعلق بالوضع القائم الان والسرد لما جرى مع اندلاع الثورة السورية وربما العودة الى ما سبق (وحدة المصير): الموضوع يتعلق بالاستبداد والاقصاء والاهمال والتهميش وتوزيع الثروة وقضايا الحريات والمساواة والعدالة والمواطنة وحقوق الانسان وعدم الاعتراف بالأخر .
على الجميع ان يتراجع قليلا اوان يقف ويطور من رؤيته للأوضاع الناشئة وتحديد اطار شامل للعمل النظري والممارسي وبالتالي تحديد الموقف من جميع القوى داعش والنصرة وقسد والجيش الحر او الجيش الوطني وامريكا وروسيا وتركيا

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات