غرب ألمانيا: 45،9 بالمئة.
شرق ألمانيا: 60,2 بالمئه.
المتوسط : 48,5 بالمئه.
كيف يمكن النظر إلى الميول اليمينية المتطرفة ، والتي تستثمر هذه المشاعر سياسيا؟. من الملاحظ بان أعمال العنف ذات الطابع اليميني ، تنامت بشكل مضطرد بعد انخفاض بسيط في العام 2004 ، كما تنامت وتصاعدت البروبغندا اليمينية وتهييج المشاعر الشعبية ، والتي تقف خلفها مجموعات سياسية نشطة. إن زيادة أعمال العنف و البروبغندا ، إضافة إلى النجاحات الانتخابية على مستوى البلدان والمناطق ، تؤكد على ضرورة زيادة مراقبة النازية الجديدة. في الواقع لا توجد إحصائيات تحليله عن مدى ارتباط العنف المحلي ، وتهييج المشاعر، والنجاحات الانتخابية ، لليمين المتطرف بالمواصفات النموذجية للمشاعر العدائية الفئوية. لكن وكما العادة عندما ينظر المرء من زاوية أخرى ، وحيث انه لا يجوز للمرء عدم رؤية المسالة وأبعادها في غرب ألمانيا، فإن تكاثف وتراكب أو اندماج هذه العناصر ، ملفت للنظر في شرق ألمانيا. النتائج تظهر بأنه حيثما تكثر مناطق الأزمات هذه ، فان هذا يلقي بظله على جوهر النظام الديمقراطي ، وإفراغ محتوى الديمقراطية. أكثر من ذلك : المشاكل هذه يمكن أن تتطور إلى علاقات بنيوية طويلة الأمد ، والتي لا يمكن إعادتها بسهولة إلى وضعها الطبيعي، لذا يطرح نفسه السؤال المحوري التالي:كيف سترد الطبقة السياسية والاقتصادية على هذه التحديات ؟.
هذا الانقسام والتفتت الاجتماعي لم يصبح بعد من المواضيع التي تشغل بال الرأي العام الألماني . ولذلك فإن الحملات الإعلامية من مثل : أنت ألمانيا*، تزيد في ارتفاع المشاعر الوطنية ، والرضا عن الذات القومية. هل هذه محاولة فردية لتوظيف ذلك في تكوين دفاعات ذاتية في مواجهة الانحدار، والخوف، وفقدان الثقة بالمستقبل ؟. وكم هو كبير المردود الإيجابي لمثل هذه الحملات؟. هل تزيد الميول السلبية بالحط من قيمة وتجريم الفئات الضعيفة؟.
رؤيتنا هي : هذا الشكل من المزج والتركيب ، بين هذه العناصر من خلال مثل هذه الحملات قد تكون خطيرة، حيث تتفاعل بسهوله هذه الدغدغات القومية مع المشاعر العنصرية . هنا يمكن ملاحظة مؤشرين، فمن جهة مشاعر الرضا والتماهي مع الهوية والثقافة القومية ، ومن جهة أخرى حزمة الأفكار التي تحط من قيمة الغرباء. في نفس الوقت الذي يتم فيه التعبير عن أفكار ثقافية خاصة، مثلا في مواجهة المسلمين، أو التقييم المبالغ فيه للتجانس، أثناء الحوارات حول تعدد الثقافات ورفض الغير متجانس أو متعدد الألوان. إن الحدود بين الاثنتين ضعيفة ، لذا فان مثل هذه الحملات في ظروف الأزمات ، يمكن أن تاخذ بسرعة ألوانا خطيرة ، وتزيد في موجة المشاعر العدوانية. بدقة يمكننا القول ، بأن مشكلة التمايز الاجتماعي تسير بالترافق مع ضعف الثقة بالمستقبل، لذا فإنه ليس مفاجأً في مثل هذه الحالات ، أن تتحول مثل هذه الحملات إلى شرارة الانفجار، اذ تلعب دور التعويض الاجتماعي . في الواقع تبين نتائج الدراسة ، إن الناس الذين فقدوا السيطرة على اتجاهاتهم المستقبلية ، ويعانون من جرائه ، يجدون في مقولة :أنا ألماني ، نوعاً من إعادة التوازن والثبات الذاتي. لكن وبقدر ما كان الشعور القومي مرتفعاً لدى الأشخاص الذين تم استطلاعهم ، بقدر ما كان مستوى تقديرهم لقيم الديمقراطية منخفضاً.
هذه الخطورة من تمازج الخوف من الانحدار الاجتماعي، مع شعور الرضا القومي ، ظهرت مرة أخرى أثناء المونديال الأخير، حيث كانت المشاعر الملونة بالأسود والأصفر والأحمر – ألوان العلم الألماني – تستقبل بترحاب كبير، وهذا ما أكدته تقاريرنا السابقة، فمقدار ما تكون مشاعر الإعجاب القومية عالية، بمقدار ما تلعب دورا في مشاعر العداء للغرباء، وبمقدار ما يكون التماهي مع ألمانيا قويا، يكون مثلها الاعتزاز بالمجموعة القومية، ويكون الحط من قيمة المجموعات الأخرى. هذه مسألة إشكاليه أخرى، تظهر بأن الاستعداد عند الأكثرية، لدمج الآخرين، مثلا المسلمين ينخفض باستمرار.
هذا التمازج بين هذه العناصر تفضي إلى نتائج خطيرة، وهي إن هذه الحملات لا تولد فقط شعور الانتماء إلى الأقوياء ، وإنما أيضا: ألمانيا قوية لا تحتاج إلى الضعفاء. في الاتجاه المعاكس فإن المبادرات السياسية الموجهة تكون بالكاد مؤثرة، مثل سياسة التوزيع السكاني، الموجهة للحد من الهجرة الداخلية، وكذلك بالنسبة للمساكن والتي تعمد البلديات إلى خصخصتها باستمرار، والتي يتحكم فيها فيما بعد، فقط آليات السوق وحده، وهذا ما يزيد في تشكيل المجموعات الاجتماعية المنعزلة عن بعضها البعض.
باختصار: السياسة يجب ألا تعتمد على الحملات الإعلامية في معالجة هذه الأمور، وإنما يجب أن تعطي أجوبة صحيحة وعملية، هناك حيث الإملاق والتمييز، وحيث الأرياف والبلدات المظلومة، وهناك، حيث خـــوف الفئات المتوسطة من الانحدار الطبقي والاجتماعي.
* أنت ألمانيا، حملة اعلامية قامت بها الحكومة الألمانية ، وكانت تهدف – حسب القائمين عليها - إلى زيادة ثقة المواطن بألمانيا ، وارتباطه بها ، والتصدي لحالة التشأوم العامة المنشرة بين الناس .... الخ .