القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 352 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي





























 

 
 

مقالات: الكورد والارهاب

 
الأثنين 27 اذار 2023


نزار يوسف  

هذا الكتاب قدمه لي الصديق الباحث ادريس عمر في الشهر الثاني من عام 2022 مشكورا. كنت مشغولا بأمور اخرى منها الكتابة والعمل، لم يتثنى لي فرصة قرائتها الإ مؤخراً.
في السنوات الاخيرة، أخذ موضوع الإرهاب حيزا مهما من اهتمام الدول وكان له صدى وتأثيرا كبيرا، خاصة بعد احداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١، ونتيجة الاضرار البشرية و الاقتصادية التي لحقت بالدول و الشعوب و المجتمعات بسبب بطشها وعنفها واساليبها الهمجية الوحشية وخطورتها على المجتمعات البشرية.
 حاول الباحث بجهود مضنية ان يدرس ظاهرة الإرهاب من كل جوانبه خاصةً التاريخية، اي ظهور الإرهاب كمصطلح ومفهوم إبتداءً من القرن الثامن عشر، وما قام به بعض زعماء الثورة الفرنسية امثال روبسبيرو سان جوست. 


وبين بانه إلى الآن ليس هناك اتفاق واجماع على تعريف الارهاب.  لكن بالتأكيد ان جذور الإرهاب في التاريخ اقدم من مرحلة الرهبة (مرحلة الثورة الفرنسية) بكثير، اي يمكننا القول بقرون، ولكن كمصطلح ظهر في تلك المرحلة، اي عندما استخدم المقصلة بقطع رؤوس المخالفين للنظام، لفرض الطاعة وترهيب الشعب.
لقد اعطى الباحث أمثلة عديدة عن الحركات المتطرفة الارهابية في العالم، في فترات متعددة وأعطى اهمية كبيرة لتنظيم القاعدة وداعش (الدولة الاسلامية في سوريا والعراق)، وتوقف على ظهور الحركات والجماعات الأصولية المتطرفة والارهابية في كوردستان وحلل اسباب نشأتها.  هنا مأخذنا على الكاتب انه لم يتطرق الى الواقع السياسي الحزبي الكوردي الغير الديني، أي على سلوك وممارسات بعضهم التي تدخل ضمن خانة الإرهاب وبالرغم من انهم استخدموا بعض وسائل العنف و التطرف تجاه المخالفين وغير الموالين لهم من بني جلدتهم، برأينا كان عليه ان يعطي اهمية لذلك! 
كما سلط الباحث الضوء على إرهاب الدولة واخذ دولتين كنماذج في المنطقة (سوريا والعراق مثالا)، وما آلت اليه الأمور في هذه الدول من أضرار لحقت بالشعب الكوردي المسالم، نتيجة سياسة الالغاء والتعصب القومي والدكتاتورية وحاربت تلك الجهات مكتسبات الشعب الكوردي وحاولت انهاء وجوده.  وثق الباحث كل هذه الجرائم مع ذكر اساميهم وتواريخ عملياتهم وجرائمهم الإرهابية.
ركز الباحث في بحثه هذا على موضوع في غاية الاهمية هو طبيعة الاديان و تاريخهم ومفهومهم من التطرف والإرهاب ووضح بأن التطرف ليس موجود لدى الاديان فقط لابل عند التنظيمات اليسارية واليمينية ايضا! 
يتحدث الكاتب عن تفاقم وتضاعف أسباب ظاهرة الارهاب في العالم العربي ومجتمعاتها. 
حول هذه النقطة ومن خلال قراءة هذا البحث، يمكنني القول بان البيئة الاجتماعية و الاقتصادية ملائمة وصالحة لنمو هذه الافكار وبقاءها في هذه المناطق من المجتمعات الاسلامية، من هنا لابد من مقارنة بسيطة بينهم وبين المجتمع الكوردي. 
يعتبر الشعب الكوردي مسالما ومتسامحا ولم يعتدي على احد ولم يقم بالغزوات على البلدان المجاورة خلال تاريخه، بل كان مدافعا عن حقوقه وربما يأتي تسامحه نتيجة جغرافيا كوردستان الغنية بالخيرات والاكتفاء الذاتي،  اثر هذا السمة حتى على معتقداته الفكرية و الدينية،  وخلق لديه السمة الانسانية والتعايش مع الاخرين وتقبلهم.  كونت هذه الافكار روح الاخلاق و احترام الآخر وقبوله باعتقاداته ووجوده كما هو، مما أثر هذه البنية الفكرية و العقيدية لدى الشعب الكوردي على دياناته وترابطه السلمي مع الخالق بعباداته في اماكن العبادة، لذا نرى دياناتهم مسالمة لخدمة الانسان و العباد.  نرى بالمقابل بين الاديان مَن يعتمد على الثقافة الشمولية المعبرة عن البيئة القاسية التي تفتقد لشروط الحياة و العيش وتعتمد على العنف والثأر و إلغاء الآخر بغريزة السيطرة و التملك، بسبب حاجتهم الى وسائل ومتطلبات العيش، لذلك لا تتيح المجال امام الآخر للحوار و السلم.  لقد اعتمدوا على الثقافة البدوية المشبعة والمختلطة بالرواسب العبودية التي ظهرت في المناطق الصحراوية الخالية من المياه والخيرات ووسائل العيش الكريم، مقارنة كالتي كان في بلاد الرافدين و الشام، ومازالوا يحتفظون بتلك الافكار والإرث البدوي في عصرنا الحاضر، عصر التطور العلمي، عصر التكنولوجيا والإنترنت. 
تراكمت تلك العوامل مع الوقت، وتأصلت في نفوسهم واوجدت بذلك ثقافة دينية متزمتة وعدوانية منعكسة ومعبرة لتلك المرحلة الاجتماعية البائدة، لدخولهم في صراع مع الحياة من اجل البقاء بحد السيف و الغزوات ضد الشعوب المجاورة بالنهب و السلب و السيطرة تحت مظلة الدين.  تكيفت وترعرعت هذه التنظيمات و المجموعات في هذه المرحلة مع البيئة الريفية و القبلية الحاضنة لهم، لان منهجية التفكير و العقيدة الدينية السياسية منتشرة بينهم، بوجود هذه الارضية المجتمعية، المنظمات التكفيرية والارهابية يربحون ثقافيا وتبقى هذه الحاضنة الثقافية البدوية المكتسبة، ارضيةً خصبة لنموهم وخزاناً بشريا داعما لثقافتهم الشمولية.
هذه السمات العدوانية العنيفة والموروثة ظهرت من خلال غزواتهم، لقد صوروا هؤلاء المتطرفين ويصورون الخالق كرمز للطغيان (والعياذبالله)، بفتاويهم لاخافة البشر من غضبه وعنفوانه مصحوبا بالعقاب و التهديد، أُريد به اخضاع الناس لهم ليخضعوا لسيطرة رجال الدين الذين يفتون ويزورون الحقائق الوجودية لاستمرار طغيانهم وسلطات مَن يقف خلفهم.
طورت هذه الأفكار بشكلٍ منظم بدعم مادي ومعنوي من الجهات السياسية وبعض الدول الاقليمية ذات مصلحة في وجودهم، مع تغذيتهم بروع العنصرية و الفكر الديني السياسي، تحول الى التطرف و الارهاب لتهديد العالم المتقدم، خاصةً الشعب الكوردي المسالم و مكتسباته،  ليفقدوا ما اكتسبوه بدماء شهدائهم الابرار وليتأخر حصولهم على حقوقهم في الحرية وإقامة دولتهم المستقلة.

في مسودة هذا البحث قبل ان تطبع(اضطلعت عليها)، ركز الباحث في بحثه هذه على اصل الكورد بشكل اوسع واكثر وضوحا مما جاء بعد طبع الكتاب. 
كما ظهر لدينا التباس في أسامي قائد الميدي كيخسرو ب(سياكزار)، و حفيد ابن ابنة الملك الميدي الأخير استياك، فارسي الأب كورش ب(سيروس) الذي قام بانقلاب (550 ق.م) على جده بالتعاون مع القائد الميدي هارباك.
لقد ربط الكاتب مصير الكورد بالامبراطوريات الإيرانية التي قادها الفرس حتى الفتوحات الاسلامية!  لقد غفل عنه دور الإمبراطورية الساسانية التي اسسها القائد الكوردي اردشير ابن بابان ابن ساسان من قبائل (شوانكارا) الكوردية المنتشرة في ايران وكوردستان الشرقية و الجنوبية، و الذي حاربه اردوان الأشكاني في حروبا عدة وكان يُعبره على انتمائه القومي الكوردي، وفي معركته الاخيرة قتل اردوان الاشكاني وفاز أردشير الكوردي مؤسس الامبراطورية الساسانية.
ايضا لابد من القول بان التدخل الجيش الامريكي 2003م في العراق كانت تحريرا لشعوب العراقية من براثن احد أكبر طغاة القرن العشرين وكانت فاتحة خير لشعبنا الكوردي في جنوب كوردستان ولم يكن احتلالا في البداية إلا مؤخراً بعد القضاء على جميع مؤسسات الدولة وانهيارها وتعيين حاكم مدني عليها. 
ان ما بذله الكاتب من جهد وما قدمه من دراسة اكاديمية في كتابه ( الكورد والإرهاب) مستعينا بالعديد من المراجع القيمة يستحق التثمين والتكريم.  وبذلك اضاف ما هو جديد واغنى المكتبة العربية بموضوعه هذا. 
في الختام ليس بوسعنا الا ان نشكره و نثمنه على هذا العمل المضني، مع تمنياتنا له بالموفقية في أبحاث جديدة قادمة.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات