القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 251 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي




























 

 
 

نبوءة الشيخ الجليل في «خطبة الوداع»! د. علاء الدين جنكو مشروع إنساني قومي أدبي بحثي كبير اختطفه الرحيل المبكر ما رواه لي محمود حما بإيجاز! الحلقتان 2 و3 /5

 
الأربعاء 29 ايلول 2021


إبراهيم اليوسف

2/5
شذرات من "نص النبوءة"
لست، هنا، بصدد، ما سبقني إليه وكتبه محرر صفحة "روج نيوز الإخبارية" و هكذا بالنسبة إلى غيره من متابعي صفحة الراحل د. علاء، وهم بالآلاف كجزء يسير من محبيه- إذ ألفت محرر الصفحة نظري إلى آخر ما كتبه من منشور على صفحته ونصه " كيف تنظر للموت مصدراً للتفاؤل؟" بل وكانت خطبته الأخيرة بعنوان "كثرة الموت ودلالات التفاؤل". بحسب متابعتي لمنشورات د. علاء، لم أجده في يوم ما قد جعل من- الموت- كل عوالم نصه، كما فعل في منشوره الأخير، وكما فعل في خطبته الأخيرة التي لم أجرؤ على متابعتها!
فهل كان يتنبأ برحيله، إذاً؟


لكن، كما قال لي ضيف الدكتور علاء وهو محمود حما، الذي كان في زيارة إلي، ليلة سفره، أنه قد أعلمه بأنه في الإقليم، ويرغب في زيارته، فألح عليه أن يزوره في يوم الجمعة. اليوم السابق لرقدة الرحيل الأخير. يوم خطبته في مسجده الأثير بين أهله اللاجئين، في كامبهم، قال:
كان يتابعني، دقيقة دقيقة، وتم تأمين أول شاحنة – وليس سيارة -لأنطلق من هولير وأصل إلى جامعه، لأتابع خطبته من أولها إلى آخرها، من دون أن يعلم أني موجود، فهو لم يلتقه من قبل، وكان موضوع الخطبة - الموت- حيث راح يتحدث عن الموت كمن يصف عالماً أثيراً، وينصح بعدم الحزن على الموتى، وأن يعد المرء عدته، ناهيك عن رأسماله وجواز سفره إلى هذا العالم، بحسب رؤية رجال الدين، وإن كنت لم أحضر صلاة جمعة ربما من طفولتي، إلا إنني أخمِّن هذه العوالم باعتباري ابن أسرة - دينية- مماثلة لأسرة راحلنا النبيل!
 يضيف أ. محمود الذي كان في طريقه إلى الوطن لزيارة أسرته، بعد أن علم بالمرض المفاجئ الذي أصاب والده، وكان د. علاء على علم بذلك، فقال: تضاعف حزني، وأحسست بأنه إنما يعزيني.  يخفف عني صدمة تلقي نبأ موت أبي" شفاه الله"، لاسيما وإنه جد متعلق بأبيه، وهو في زيارته الثانية له، ضمن فضاء شهرين، فحسب، وأن غمة شديدة امتلكته وراح يصر على اختصار زيارته، والعودة من السليمانية إلى هولير، ومن ثم إلى الوطن، بينما كان د. علاء يلح عليه، بأن يبات ليلته تلك عنده، وراح يوسطني، لأنجح في ثنيه عن قرار عدم المبيت، تلك الليلة، في ضيافته. ضيافة أبي سعد، ولقد تحدثت عن ذلك الإصرار، وعن حالة الحزن التي استشففتها من ملامح محمود، خلال مكالمتنا السريعة.
كان د. علاء قد أرسل  صورتين/لقطتين له وفيهما هو وضيفه في سيارته، على حسابي الواتس آبي. هما لقطتا- سيلفي- - لعلهما الأخيرتان بعدسة هاتفه- تركز إحداها عليه، والأخرى على ضيفه،  وهما في السيارة، بعيد التقائهما ومغادرتهما المسجد، باتجاه منزله، إلا إنني - للأسف- لم أكن قد انتبهت إلى تلك الرسالة، ما دفع د. علاء للتواصل معي، من دون انتظار ردي، كما قلت في منشور لي عبر الفيس، وذلك عبر مكالمة الفيديو/ واتس الأخيرة، ونتحدث لدقائق، ندمت لم أمدد زمنها أكثر، مما تم، وهماً مني أنها مكالمة عادية، في إطار مكالماتنا الاعتيادية، ولكم تحدثنا أنا ومحمود إليه، خلال السنة الأخيرة، في مكالمات مماثلة، مركزين على بعض مؤلفاته التي تابعت ما هو -أدبي- أو سيروي منها، بما فيها أحد مخطوطاته الأخيرة التي تنتظر الطباعة وسأتطرق إليه، في مكان آخر!
سألت محمود:
كيف وجدت علاء؟
قال:
ألم تر كيف كان يضحك وهو جد سعيد؟! لقد كان هكذا طوال فترة وجودي معه، منذ توجهنا إلى بيته، وإلى ساعة مغادرتنا البيت، بوساطة سيارته عندما أوصلني إلى الكراج، لأعود أدراجي إلى هولير/ أربيل، بينما أنا رغم هذه اللحظة الاستثنائية في تاريخي، غارق في التفكير بحال أبي المريض، وهو يمر في لحظات جد صعبة!
 

لا تعد! لن أستقبلك ثانية.....
 
3/5
كان محمود حما يروي لي تفاصيل زيارته ولقائه بالدكتور علاء، وقد كنت حاضراً في جزء من حديثهما، باعتباري طرفاً، أو شاهداً على العلاقة التي تمت بينهما، ولقد لمست مدى سعادة كليهما بتعرفه على الآخر، وقد كانت المبادرة من أ. محمود طالب العلم الطموح الذي يصلح موضوع دراسته في ألمانيا- وحدها- أن يكون نواة فيلم مهم، أو نواة رواية، ناهيك عن خط سير دراسته منذ مراحلها الأولى في الوطن، ومروراً بمحطاتها الأخرى، لاسيما عندما يرويها هو في لحظات الصفو، ولقد طلبت منه أن يكتب هذه الأحداث، ولو في إطار عمل سيروي أول، ليس لعظمة طموحه التي يلتقي فيها مع د. علاء، ناهيك عن خصال وصفات أخرى، وإنما لما فيها من لحظات جد مثيرة، استفزازية، استطاع أن يتجاوزها بإرادة صوانية، وهو الشاب الصغير في ريعان العمر!
طلبت إليه أن يشرح لي حالة د. علاء في اللحظات الأخيرة التي صافحه مودعاً إياه، فقال:
لقد مددت إليه لأودعه، فمد إلي كلتا يديه، وهو حزين على عدم بقائي تلك الليلة في ضيافته، وأضاف:
إلا إن ما أحزنني جداً هو أنني وأنا أودعه قلت له:
سأزورك عندما أعود من قامشلو، بعد أيام. أعدك!
إلا إنه لم يتأثر بكلامي، ولم يعلق ببنت شفة، على حديثي، بل ثمة حركة ما بدرت من عينيه لم ترحني، بل استفزتني، وهو ما جعلني أتألم أكثر، متوهماً أنه قد غضب مني، ولم يعطني الضوء الأخضر، لأعود، أو أنه يحدثني عن وضع أبي، وأنني سأظل في مسقط رأسي، ولن أعود!
ليتني بقيت تلك الليلة في ضيافته!
تلك كانت قراءة طالب الشريعة، و الحاصل على إحدى درجاتها، المنفتح على الآخرين، ونائل إحدى الشهادات العلمية غير السهلة، في ألمانيا، في الوقت ذاته، رغم أنه دون الثلاثين من عمره، أدامه الله.
هل كان يشكو من مرض ما؟
سألته
أجابني:
لقد تحدث بشكل عابر، أنه في اليوم السابق، أو اليوم الأسبق، أحس بألم في ذراعه، أو كتفه، إلا إنه وبعد أن راح يتريض - مشياً- بعض الوقت، أحس بأن ذلك الألم قد زال!
قلت له:
آه، ليتني نصحته أن يأخذ حبوب الأسبرين المميعة التي آخذها منذ واحد وعشرين سنة!
أية هلوسة هذه!
أرد عليَّ
تذكرت، في الحال، أنه في السنة الكورونية الأولى، حدثني عن معاناته من-  كريب حاد-  ورحت أتواصل معه، على شكل يومي، إلى أن تماثل للشفاء، وكنت أظن بيني وبين نفسي أنه مصاب بفيروس كوفيد، من دون أن يعلم، ولربما حدثني فيما بعض بأنه وبعض أفراد أسرته أصيبوا بهذا الوباء، وأتذكر أنه كان حزيناً على أكثر من زميل له. دكتور في الجامعة، توفي بسبب الفيروس المذكور، ماعدت أعرف اسم أحد من هؤلاء، ولطالما كنت أقول له:
أنت قوي البنية ورياضي وشاب!
كما كنا نتوهم، في البداية أن كوفيد لن ينال إلا من العجائز، ولعل أكذوبة انطلت علي، أنا الآخر، فلطالما منيت نفسي بأني أنا الآخر دون سن الشيخوخة، إلى أن توفي مقربون ومعارف وهم دون الأربعين، أو الثلاثين، بسبب هذا الوباء الكوني!
تذكرت، وأنا أقرأ نبأ تعرض د. علاء لجلطة دماغية أن والده العلامة الشيخ عبدالرزاق جنكو تعرض لجلطة مماثلة أشلته نصفياَ، والتقيته في الإمارات بعد إصابته تلك، وـالمت له، ولكنه كان آنذاك في سن أكبر، ما دعاني أتفاءل بأن د. علاء سينجو، لا محالة، من هذه الجلطة الغادرة، لاسيما بعد التطمينات التي وصلتنا، عن طريق بعض أطباء المشفى الذي كان يقيم فيه!
أمر آخر، لطالما تذكرته بعد أن علمت بنبأ وفاة د. علاء ألا وهو:
ألا يكون فيروس كوفيد قد مارس الفتك بجسد د. علاء: قلباً أو دماغاً، عبر جلطتين أولاهما كانت قلبية تمت في الساعة السابعة من يوم السبت، والثانية في الساعة الخامسة من فجر الاثنين!
لست طبيباً، ولا أفقه في الطب، إلا إن الرحيل المبكر لعالم وأديب ذي طموح كبير، عولت الكثير عليه، كما سواي ممن عرفوه جعلني أقارب حدود "الهلوسة"، بعد تلقي نبأ تعرضه للجلطة، مرة، وبعد وفاته، مرة أخرى، كأحد المقرَّبين إلي َّ روحياً، رغم أنه كان أقرب لأبنائي، يمازحهم، وبينهم الكثير، من أواصر الود، بما يجعلني أراه أحد أقرب الناس إلينا، على الإطلاق، وهوما يجعل رثائي، هنا، عميقاً، عالياً، ولكن: كيف؟ هوما لا أعرفه!؟

يتبع
 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4.45
تصويتات: 22


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات