القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 534 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: العلاقات الدولية و الإقليمية في ذهنية الحركة الكردية ( سوريا)

 
الثلاثاء 08 ايلول 2020


محمد خير بنكو 

منذ بداية الحراك السوري انقسمت الحركة الكردية في كردستان سوريا الى قسمين ، تف دم ( منظومة الآبوجية ) و المجلس الوطني الكردي  ، إختار المجلس الوقوف إلى جانب المعارضة متأملًا نهاية سريعة للنظام إسوة بالثورات العربية التي سبقتها ، بينما إختارت تف دم الوقوف إلى جانب النظام متأملًا الحصول على تنازلات من النظام الذي كان يفقد سيطرته على الأرض السورية يوما بعد آخر.


حاول المجلس بكل طاقته الوصول الى تفاهم و إتفاق مع المعارضة و كانت النتيجة ، الوثيقة الموقعة مع الائتلاف ، رغم بعض المآخذ على تلك الوثيقة لكنها ظلت أفضل ورقة رسمية موقعة مع المعارضة السورية آنذاك. لكن رغم انتزاع تلك الورقة فشل المجلس في دفع الائتلاف إلى تنفيذ بنود الإتفاق، فبقيت الوثيقة ملجاً لغبار أدراج الائتلاف و لم يتم تنفيذ أي بند من بنوده ، فعلى سبيل المثال ظل الائتلاف و حكومته المؤقتة تستخدم اسم (الجمهورية العربية السورية) في خطاباتها الرسمية المكتوبة رغم اتفاقها مع المجلس على تسمية ( الجمهورية السورية) كما أنه هناك بند في الوثيقة يقول : 
( ١٢- يعمل الائتلاف الوطني لقوى الثورة و المعارضة السورية على إقامة فعاليات و أنشطة تساهم في التعريف بالقضية الكردية في سورية و المعاناة التي مر بها المواطنون الكرد على مدى عقود من الحرمان و التهميش، بهدف بناء ثقافة جديدة لدى السوريين قائمة على المساواة و احترام الآخر.) و لم يهتم الائتلاف بكل ما ورد.

في الطرف الآخر ، استطاع الآبوجية وقف الاحتجاجات التي شهدتها المنطقة ضد النظام بالقوة مستخدمة كافة وسائل الضغط و الترهيب من إعتراض المظاهرات الى استخدام منظومة ( جوانن شورشكر ) الى استخدام القوة و السلاح و القتل، فاعترضت المظاهرات السلمية مخترعة الحجج بل و استهدفت النشطاء في كل منطقة كردية كإشارة لإستعدادهم لتصفية أي رمز للنشطاء إن لم يتوقف الحراك . استلمت إدارة شكلية للمنطقة من النظام مقابل القضاء على الحراك الثوري ، حملوا سلاح النظام الذي شكل منطقة أمنية له في كل من الحسكة و القامشلي لإدارة  المنطقة بأيادي  آبوجية، و جمعت مفارزها و قواتها في تلك المناطق  مع الاحتفاظ بالدوائر الرسمية كدوائر النفوس و المحاكم و غيرها.

بعد مرور  تسعة سنين على بداية الحراك  نجد بإن كلا الطرفين لم يستفيدوا من التجربة القاسية التي عانى منها شعبنا الكردي جراء سياساتهم السطحية المبنية على الاحتمالات و العاطفة  دون استقراء الاحداث و مراجعة التجارب  التي مرت . فمن جهة نجد بأن المجلس مازال  أسير خوفه من مواجهة شركائه في الائتلاف و الضغط عليهم لتنفيذ بنود الوثيقة الموقعة ، بل أن قيادات المعارضة و الائتلاف امعنوا في تهميشهم و الإساءة الى القضية الكردية منذ تصريحات الزعبي مروراً بصريحات هيثم المالح و أحمد طعمة وصولاً الى تصريحات نصر الحريري التي يشتم منها رائحة العنصرية المقيتة و معاداة أي تطلع كردي سوري إرضاءاً للنظام التركي المتحكم بزمام الأمور في الائتلاف ، هذا النظام الذي اجتاح المنطقة الكردية بحجة وجود حزب العمال الكردستاني . و بذلك لم يستطع المجلس الوطني الكردي ان يقنع شركائه في الائتلاف بمشروعية القضية الكردية.
في الجهة الأخرى نجد بأن الآبوجية ، رغم التضحية بعشرات آلاف الشهداء ، لم يستطيعوا أن يحصلوا على أي اعتراف رسمي من النظام السوري الذي يحاول بشتى الوسائل العودة الى ما كان عليه قبل الحراك و إسترجاع المناطق التي سلمها الى الآبوجية ، لكن بين المرحلتين هناك الكثير من التغييرات التي ينطلق منها الآبوجية للحصول على مكاسب مقابل ذلك . بالنتيجة ،كما المجلس، لم يستطع الآبوجية فرض أي اعتراف رسمي رغم امتلاكهم للقوة العسكرية الهائلة المدعومة من التحالف الدولي.

اقليمياً و دولياً ، ما زال الطرفان يسيران وراء سراب أحلامهم في الحصول على الدعم و المكاسب دون أي سعي جدي في  تحريك غريزة المصلحة لدى القوى العظمى و توجيهها نحو المنطقة ، فالمجلس مازال  منضوياً في إطار الائتلاف السوري الذي يشرعن الاحتلال التركي للمناطق الكردية بل يتبنى المرتزقة المجرمين الذين يرتكبون أبشع الجرائم  بحق تلك المناطق من خطف و قتل و قلع للاشجار و سرقة الآثار تحت سمع و بصر الدولة التركية المحتلة  و بمباركة من الائتلاف ، كما أنه مازال يراهن على إن النظام التركي يعادي PKK  دون بقية الكرد رغم الدلالات الواضحة التي تشير الى أن النظام التركي يتخذ من ال PKK حجة لضرب أي تطلع كردي ، و هذا ما لم يستطع هذا النظام إخفاءه على لسان رئيسه اردوغان و العديد من قياداته في مناسبات عديدة كالإستفتاءالذي جرى في إقليم كردستان العراق. كما ان الآبوجية مازالوا لم يقتنعوا بان أولويات كرد كردستان سوريا تختلف عن أولويات كرد كردستان الشمالية و بأن محاربة النظام التركي و اردوغان ليست مهمة كرد كردستان الغربية و من الضروري انتهاج  سياسات دبلوماسية اكثر حنكة في التعامل مع الدولة التركية التي تشاركنا قرابة ألف كيلومتراً من الحدود كما تفعل حكومة إقليم كردستان لكي لا يستفيد النظام التركي من حججه و إدعاءاته بمحاربة حزب العمال الكردستاني. بل مازال ممعناً في رفع صور زعيمه المعتقل في سجن إمرالي في المدن و البلدات الحدودية المتاخمة للحدود  مع تركيا و مازالت شعاراته الأساسية ( لا حياة بدون القائد – يسقط اردوغان)، هذه الاعمال التي تعزز حجج و ذرائع تركيا أمام العالم و التحالف الدولي لإجتياح  ما تبقى من المنطقة بحجة محاربة الإرهاب .

لقد إستفادت المعارضة و خاصة الائتلاف من وجود المجلس الوطني الكردي  لكسب المزيد من الشرعية بكونها تمثل كل مكونات الشعوب السورية ، فأية معارضة لن تكون معارضة شرعية و معترفة دولياً ما لم تضمن وجود التمثيل الكردي ،  كما إستفادت تركيا من الطرفين ، من وجود المجلس الوطني في المعارضة  للإشارة الى ان النظام التركي يحتضن المعارضة السورية و ضمنهم الكرد و ذلك لتوجه رسالة الى الغرب و خاصة الولايات المتحدة الأمريكية بأنها لا تحارب الكرد كشعب و أنما تحارب حزب العمال الكردستاني ( المصنف في قائمة الإرهاب) ، كما استفادت بشكل أكبر من ال PYD  الذي أمن لتركيا كل الحجج و الذرائع اللازمة لمحاربة أي تطلع كردي في كردستان الغربية  و إحتلت عفرين و لاحقاً سري كانييه (رأس العين) و كري سبي ( تل ابيض) و مازالت تسعى لاجتياح باقي المناطق الكردية بنفس الذرائع و الحجج.  

انضم المجلس الوطني الكردي الى الائتلاف في وقت كان الائتلاف الإطار الشرعي للمعارضة السورية و المعترف و المدعوم من الغالبية العظمى من دول العالم ، و رغم تراجع مكانة الائتلاف و خاصة بعد تشكيل الهيئة العليا للمفاوضات و انضمام منصة القاهرة و موسكو وممثلي الفصائل العسكرية  إليها ، و رغم انتزاع المجلس لشخصية اعتبارية مستقلة له في تلك الهيئة ظل ملتزماً بالائتلاف الوطني السوري الذي بات أسير السياسات التركية وواجهة سياسية للفصائل المرتزقة التي ترتكب كل الموبقات بحق الموطنين المدنيين في عفرين و بقية المناطق المحتلة من قبل الدولة التركية.

بعد التجربة العراقية و الخسارة الكبيرة لجنودها ، غيرت الإدارة الامريكية من سلوكها في محاربة التطرف و ذلك بالاعتماد على قوات محلية تقوم هي بتمويلها بالسلاح و العتاد و دعمها بالخبراء العسكريين و تغطيتها جوياً ، لكنها فشلت  في إجاد فصيل مقاتل على الأرض السورية يمكنها الاعتماد عليه في محاربة داعش و النصرة ، بعد فشلها مع ما يسمى بالجيش الحر،  فلم  تجد بديلاً سوى الاعتماد على قوات حزب  الاتحاد الديمقراطي السوري بعد تسميتها بقوات سوريا الديمقراطية ( قسد)، عملت قوات سوريا الديمقراطية مع التحالف الدولي  في محاربة داعش مقابل الدعم المادي و السلاح و دون أي اتفاق سياسي  و هذا ما ذكره الرئيس ترامب في تغريدة له بكل شفافية و وضوح ، كما صرح بها اكثر من مسؤول من الاتحاد الديمقراطي، و هذا ما جعل الولايات المتحدة الامريكية غير ملزمة بالدفاع عنهم في مواجهة الجيش السوري أو التركي ، و هذا ماحصل عندما انسحبت الولايات المتحدة الامريكية من مواقعها القريبة من سري كانييه ( رأس العين )  لافساح المجال لتركيا و الفصائل المرتزقة لإجتياح تلك المنطقة . لذلك فشلت المنظومة الآبوجية في الحصول على اتفاق سياسي مع أمريكا  كما فشلت مع  روسيا أثناء احتلال عفرين  و فشلت قبل ذلك في  الوصول الى تفاهم مع النظام لأن تعاونهم  مع النظام في البداية لم يكن مبنياً على أية إتفاقية  تضمن لهم الإعتراف . لم يكن المجلس الوطني الكردي اكثر حظاً منهم  من جانب القوى الدولية المؤثرة في الشأن السوري ، فرغم الكثير من اللقاءات  لم يساعد الروس المجلس في الضغط على النظام للقبول بطرحه السياسي في دولة لامركزية ، كما لم يساندهم الامريكان في الضغط على المعارضة أو الضغط على حزب الاتحاد الديمقراطي لقبول شراكة المجلس أو الكشف عن مصير معتقليه في سجونهم .

خلاصة الأمر، لم يستطع الطرفان ان يساهموا في إلتقاء مصلحة القضية الكردية مع مصالح القوى العظمى لكي تصل هذه القضية الى بر الأمان و ترى النور ، لذلك لم يبقى أمام المجلس الوطني الكردي و منظومة الآبوجية سوى استغلال فرصة الرعاية الامريكية  للحوار الكردي الكردي الجاري حالياً ، للتوصل الى اتفاق شامل بعيداً عن تدخلات المحاور الكردستانية و خاصة قنديل ، اتفاق ينهي  حالة الانقسام و يساهم في تحقيق الاستقرار  في المنطقة ، قبل ان يمل الامريكان  و يصرفوا النظر عن هذه الحوارات الماراثونية ، و ليس بغريب على الإدارة الامريكية التي غضت الطرف عن ما حصل في كركوك رغم العلاقات المميزة التي تربطهم بقيادة إقليم كردستان.

بريطانيا

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات