القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



القسم الثقافي

























 

 
 

مقالات: رهانات الواقع الكردي والخيارات الصعبة ..!

 
الثلاثاء 17 ايلول 2019


اكرم حسين

بعيدا عن الموقف الامريكي من الثورة السورية ، بصفتها حرب سنية- شيعية وتنافس خليجي فارسي ، حول النفوذ في المنطقة ، وعن كل ما يمكن ان يقال من تجاوزات او انتهاكات،  قبل اعلان الانتصار في الباغوز(22-3-2019 ) او بعده . فان الاداء العسكري لقوات الحماية الشعبية (ypg-ypg) ، وتحرير مدينة كوباني بالتعاون مع البشمركة والتحالف الدولي ، والقضاء على داعش من قبل قسد ، التي باتت الجسم العسكري لكل القوات العاملة في روج افاي كردستان وشرق الفرات ، كان عملا استثنائيا ، وتحديا للخيال ، اضافة الى ما حققته البشمركة في اقليم كردستان ضد داعش في المواجهة ذاتها ، مما دفع بان تحظى هاتان القوتان بشعبية واسعة تخطت حدود الجغرافيا ، وعززت حضورهما وثقتهما لدى المجتمع الدولي ، بحيث باتتا حليفا موثوقا ، وشريكا حقيقيا في مواجهة الارهاب ، 


وتلقتا نتيجة لذلك الدعم الوفير والمهارات العالية في التدريب والقتال وفي العمليات الامنية والاستخباراتية الخاصة . غير ان هذا الانجاز العسكري ، لم يستطع ان يتقدم ، ويتطور، الى نوع من التماسك الاجتماعي ، ومواجهة الأخطار المحدقة بالمنطقة بسبب افتقاد الادارة الى سياسة اقتصادية واجتماعية وادارية شفافة ، وفشلها في تحقيق اطار سياسي واجتماعي حولها ، وبسبب غياب هذه السياسة ، بقيت هذه الادارة رخوة ، وضعيفة ، رغم مشاركة بعض المكونات الاخرى فيها ، من عرب ، وسريان ، لكن هذه المشاركة ، ظلت محدودة ورمزية ، ولا تعبرعن التمثيل الحقيقي للمكونات التي تمثلها ، لأنها ضمت اليها تجمعات شخصية او عائلية تنتمي الى الماضي ، وبعيدة عن النخبوية السياسية ، في الوقت الذي كان يجب ان تسير فيه الامور، لجهة بناء اجتماعي هوياتي متلاحم . فهناك بعد داخلي في كل المناطق التي تسمى شمال سورية وشرق الفرات ، بما فيها روج افاي كردستان ، يختلف عن المناطق السورية الاخرى ، وهو التعدد القومي والاثني والديني ، ما يجعلها تعيش حالة خصوصية ، لا يمكن مقارنتها بالمناطق السورية الاخرى .
بعد خمس سنوات من قيام الادارة الذاتية ، وسقوط الالاف من الشهداء من ابناء المنطقة ، لا زالت تفتقد الى الاستقرار السياسي والمدني ، وتعيش جوا من الخوف من المستقبل ، ومن خطر الاجتياح التركي الذي لا يتوانى رئيسها عن التلويح  في تنفيذ هذا الاجتياح ، كما حصل في عفرين عبر عملية غصن الزيتون ، وهو ما يجعل مجتمع روج افا وشرق الفرات ان يعيش القلق على مستقبله ، والانقسام على ذاته – حتى داخل المكون الواحد -  في ظل سيطرة  قوى مختلفة جغرافيا وعسكريا (الادارة الذاتية- النظام)  وانحياز البعض الاخر لتركيا وايران واطراف اخرى ، وهو ما يُعبّر عن عمق المأزق الذي وصلت اليه المنطقة ومكوناتها .
صحيح ان الادارة الذاتية قد حاولت ان تُعبّر عن مشروعها ( الامة الديمقراطية ) وتستميل المكونات الاخرى ، من خلال تأجيل مشروعها القومي ومناصبته اعلاميا  ،  الا ان الوقائع والممارسات على الارض تقول عكس ذلك ،  فالمكونات الغير منضوية في الادارة ، مصابة بفوبيا " الكرد الانفصاليين "، لا بل تتقاعس وتتهرب من مسؤولياتها في محاربة الارهاب ، ودعم الامن والاستقرار،  وتراهن على العامل الاقليمي والدولي لتغيير الاوضاع ، وكيفية حضورها فيه ، لان كل ما هو قائم يشير الى هذا المشروع ، وفقدان الثقة به من قبل الاخرين ، وهو ما بات يعاني  " تضادا " بين ما هو معلن نظرياً وبين ما هو ممارس فعلياً ، وادى الى تعايش هش ومضطرب داخل صفوف الادارة ، بفعل القوة المرفوعة الى سلطة ، تختبئ ، خلف شعارات لا تستطيع ان تبدد الهواجس والمخاوف .هذا الواقع ادى الى غياب تشكيل حالة مستقرة وامنة ، ودفع الى زيادة التوتر ، والى حصول بعض العمليات والتفجيرات التي تشهدها المنطقة بين الفينة والاخرى ، وخاصة في شرق الفرات في اماكن التواجد العربي الكثيف ، وخاصة ممن يناصبون الكرد العداء ، ويحاولون النيل من ارادتهم وحقوقهم ، حتى وان كانت هذه الحقوق بلبوس ديمقراطي ، فمن غير المسموح لديهم ان يكون هناك كردي قوي وبيده السلطة ، والسلاح ، لان الذاكرة التاريخية لدى الانظمة والشعوب لا تستطيع ان تنظر الى الكردي الا ضعيفاً وتابعاً. 
هذا المأزق الذي وجدت  الادارة نفسها فيه لأسباب مختلفة ، وضع غالبية المكونات بما فيهم الكرد في حالة اغتراب ، وعدم توافق مع ما هو قائم ، وما يجري العمل عليه ، الامر الذي جعل هذه الادارة تابعة لحزب او مجموعة مسيطرة او حاكمة ، ينظر اليها بعين الشك والريبة ، ويناصبها  البعض العداء ، وقد ظهر هذا العداء في عدم اعترافها بالإدارة ، وموقفها من المنطقة الامنة ، ومن المسعى التركي لاجتياح  شرق الفرات ، والذي قد ينسف او يحدّ من  صلاحيات هذه الادارة ويفسح بالتالي لهم المجال للسيطرة او المشاركة في ادارة المنطقة بعد اقصاء دام سنوات.  
لقد تعقدت المشكلة الوطنية الكردية في سوريا ، وانقسمت كما اشرنا في مكان اخر بحيث يمكن ان تشهد نوع من التفكك او الانهيار او حتى الضياع ، الا اذا استفاق الكرد ، وقامت الادارة بمراجعة سياساتها واعادة هيكلتها على كافة الصعد،  ووفرت مستلزمات الاجتماع الوطني ، الذي بدونه ، لا يمكن ان تحافظ على وجودها الفعلي عبر جغرافيتها القائمة ، وان تتجاوز كل التهديدات والمخاطر التي  قد تواجهها ، وصولا الى اقليم او كيان في اطار جمهورية سوريا الاتحادية  ، و بما يعبر عن حق الكرد في تقرير مصيرهم ، وادارة شؤنهم ، بالتوافق مع المكونات الاخرى ، بحيث تصبح  روج افاي كردستان وطناً للجميع .

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 2.6
تصويتات: 5


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات