القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 512 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: البحث عن إنسان يبحث عنك: «الكاتب والصحافي الكردي: فرهاد عوني نموذجاً» 2- ما يقرب من السيرة الذاتية

 
الأثنين 11 حزيران 2018


ابراهيم محمود 

كيف لي أن أعرَف به لبعض الوقت، ليكون بعد ذلك حديث يقرّبنا مما هو فيه وعليه موقعياً ؟
أجدني مضطراً، لبعض الوقت الآخر، الوقت الذي يعنيه بنوعه هذه المرة، إلى الحديث عما هو معتاد، ولو بإيجاز: سيرته، نزولاً عن رغبة تفرض نفسها علي، كونها تمهّد بالضرورة لما هو منتظَر، وإن كنت قادراً على طي صفحة هذه الخطوة " التعريفية " اعتماداً مباشراً على ما يبقينا في نطاقه بالذات، ولأن في الإمكان مراجعة هذه النقطة في مؤلفاته، لكن ذلك من شأنه، وبالنسبة لوسطنا، من شأنه إضعاف همة القراءة لدى المعني به أحياناً، ومن هنا بدأت:
فرهاد عوني: من مواليد كويسنجق " 1946 "، حاصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد السياسي، في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة بغداد عام 1970 .


كان انخراطه في العمل السياسي ملحوظاً في بدايات شبابه، منذ ستينيات القرن الماضي، ومن كونه شيوعياً في كويسنجق عام 1960 ، إلى مناضل بيشمركي، ومنخرطاً في نضالات الحزب الديمقراطي الكردستاني صيف عام 1963، وعلى المستوى التنظيمي في اتحاد طلبة كردستان منذ عام 1964، ومرتقياً في منصبه الحزبي، وعمله الوظيفي، فمديراً لإدارة مؤسسة " دار التآخي الصحفية " في خريف عام 1972، وممثلاً لحزبه الكردي في جمعية الاقتصاديين العراقيين، ومقاتلاً في صفوف الثورة الكردية في سبعينات القرن الماضي، ورئيس تحرير جريدة " برايتي " الكردية اليومية، ومسئولاً عن مؤسسة برايتي وخبات الصحفية في " 26-10/ 1993 لغاية 20-2/ 2000"، وناشطاً حقوقياً كردياً، فنقابياً صحافياً كردياً ورئيساً لنقابة صحفيي كردستان، ، ومسهماً في إصدار صحف كردية، وبرلمانياً عراقياً" 2005-2006 "..ولتصدر له مجموعة كتب، ومنها: من حقيبتي " 2011 " ومن ثم في طبعة ثانية مزيدة ومنقحة عام " 2014 "،  وتجربتي الصحفية باللغة الكردية، عام 2011، وذاكرة الأيام عام 2011، إلى جانب إسهامات أخرى، وهو الآن متقاعد ومستمر في نشاطه الثقافي !
علي أن أكتب هنا، وليس أن أضيف، فالفارق كبير، لأن النقطة هذه مؤلمة وآلمة بمحتواها، وهي أن بيته إلى جانب مكتبته الشخصية وما فيها من كتب وأرشيف معلومات وصور لا تقدَّر بثمن، واستناداً إلى عمله الميداني كثيراً، فالمكتبي قليلاً، وتنقلاته الكثيرة، وإقاماته المكانية قليلاً، قد تعرَّضاً للنهب والسلب والإتلاف ثلاث مرات، في الثالثة إبان حرب الاقتتال الأخوي الكردي في أواسط تسعينيات القرن الماضي، والانجراح الكبير والدامي على هذا المتحصّل .
تصورتُ، وفي عجالة، ما يمكن أن يكون عليه الاعتبار الذاتي والاجتماعي، الثقافي والفكري لرجل سعى إلى أن يكون بحجم مساحة قضيته الكردية ويحمل وطناً وشعبا داخله، مهما كانت زاوية النظرة إلى كل من الوطن غير المتحقَّق، أعني به الممزَّق، والشعب المبعثر والمنهوب في قواه وحتى ذاكرته وثقافته وتاريخه، وهو سعي تترجمه جملة إحداثيات سريعة عما عرِف بها، أو وهي تعرّف به شخصية متعددة الأبعاد، ربما يصعب الفصل بين مكوناتها بأصولها.
هنا، بالنسبة إلي، حين أورد هذه المعلومات/ الشذرات سريعاً، لأصل إلى ما يمكنني قوله فيما عاينت في جهات مما يخص هذا الجانب، ومما استشفّيت مما قرأت وتحرّيت، لأقول بداية:
من خلال هذا الكم المحدود من كتبه، مقارنة بمشاهداته ومتابعاته الصحافية والسياسية، يتبين البعد الآخر فيما هو مغفَل عنه وهو أن وراء كل مقال، وكتابة معينة: فكرية، ثقافية، سياسية وأدبية، معاناة ومجابهة لما هو سائد، ليكون النوع فارضاً ثقله القيمي هنا.
لأقول أن هذا التنوع في الوظائف والمناصب ليس تنابذياً، إنما يشد بعضه أزر بعض، بالطريقة التي لا يمكن، ولا بأي شكل: التفريق، حتى بالمفهوم الإجرائي، مع التزام اليقظة الشدية طبعاً، بين قصيدة شعرية تملكته مشاعر وأحاسيس، وصورة ملتقطة" ولعل عوني صياد لقطات حياتية، وكل لقطة تسمّي مكاناً وزماناً، تسمّي جرحاً ذا دلالة " ومقال صحافي ومسرح أحداثه ومؤثراته، ولقاء لا يخفي هو الآخر حساسية الموقف، وفي بلد يتحرك على قرني ثور هائج، ودون مبالغة في القول، حين تميط اللثام، ولو سريعاً عن هذا النطاق، يتبدى لك وجه يومض في زحام التاريخ وتصارعات القيّمين عليه، ومن يبحث عن موقع يليق به في الشمس.
لأقول أن عوني فيما استخلصته بصورة ما، لا يظهر عليه أنه ترجَّل عن صهوة جواده الكردي، بمقدار ما يتنشط في سياق آخر: فالكردي فيما هو عليه رجل حرب، وإن كان أعزل، ومطلوب نزالات وإن أعلن استسلاماً، ومتربَّص به وإن أفصح عن تخلّيه لكل شيء، إذ إن حكمة التاريخ البعيد والقريب، علّمت، وما زالت تعلّم المأخوذ بحيوية التاريخ وأثريات الجغرافيا، أن الكردي حاضر في واعية مقتسمه: جغرافيا وتاريخاً، وأنه يشك في أمره حتى وإن لفظ أنفاسه الأخيرة، بمجرد قراءة تلك الأدبيات التي سطّرها أعداؤه، أو خصومه عنه، شعوراً منهم، أن ثمة وضعاً استثنائياً غير صحيح البتة، وأن إحكام الطوق عليه أكثر يفسّر هذا الخوف منه من جانب،  واعتراف ناهبه وسالبه حقه باختلاف لغاته أنه يسير في الطريق الخطأ من جانب آخر.
عندما أقرأ هذا المقطع من قصيدة شعرية كتبها بالكردية منذ عام " 1958 " وهو:
يقولون أنت " فرهاد " فأين " شيرين"ـك
أقول إن " شيرين "ي هي أرض الكرد
أطلت شمس الحرية برأسها
سنصل إلى آمالنا في وقت قريب 
من كتابه: " تجربتي الصحفية، ط1، 2015، ص 19 "
وهنا يبرز الألم الكبير، ألم انتظار الأمل المرجَّأ، إذ بيننا ونحن في " حرمة " 2018 " وزمان نشر القصيدة تلك " 1958 " ستون عاماً " ومن يعش ستين عاماً بهذا الشعور الإيلامي، لا أبالك يسأم أو يتشاءم "، وهي سنوات لا تقدَّر بحضورها الحسابي، إنما بثوانيها. وخطورة المسافة في المكان، تترافق مع خطورتها في مستجدات الزمان، والانتظار الكردي، إن جاز التعبير، له وقعه المغاير لانتظار شعب آخر يعيش مأساة الصهر القومي أو التشتيت الديموغرافي، إلى جانب المكابدات السياسية اليومية في اللغة والكيان والثقافة، والانتظار الكردي من جهة الكردي كاتباً أو سياسياً أو باحثاً...الخ، يحتفظ بتفاوتات هائلة، وهذا ما ينبغي حسبانه في متابعة زمكانية للشخصية الثقافية المركَّبة لفرهاد عوني.
ربما كانت قراءة ما كتبه بدمه وحرقة روحه تحت عنوان " مرثية لمحطات ثلاث تعرضت فيها ممتلكاتي ومكتبتي وأوراقي وشهادات أولادي وأرشيفي للنهب والضياع "، في كتابه الضخم" ذاكرة الأيام ، ط1، 2011 ، صص327-345 " يتطلب وقفة خاصة، ولا أظنها اليتيمة إنما ثمة الكثير مما يردفها ويعزّز شهادة القول في المدَّخر التاريخي والسياسي لتجربة حياتية ليست عادية، لشخص أأكون مبالغاً إن قلت أنه ليس عادياً ؟ تلك نقطة خلافية، ولكنها اكتشافية أيضاً!
يتبع ...

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات