أما الأمر الآخر, فإن الحل الحقيقي يكمن في إقامة عملية التوافق بين مكونات الشعب السوري. وهذا لن يتم إلا من خلال دعوة ممثلي المكونات إلى عقد مؤتمر وطني شامل برعاية دولية, يتم من خلال المؤتمر المصالحة الوطنية, وبالتالي البحث عن توافقات بين المكونات والإعتماد على صياغة مسودة دستور جديد يؤمن مصالح ويحقق تطلعات مكونات الشعب السوري في دولة يتم إعلان بنيانها على أساس إتحادي ديمقراطي, تنتمي إليها كل المكونات من خلال تحقيق مصالحها وممارسة حرياتها في إطار دستوري. إذاً, حتى المجتمع الدولي لايمكن أن يكون قادراً على حل الأزمة في سوريا بغياب مكونات الشعب السوري. فالمرجعية الحقيقية للحل هو الشعب السوري, ولكن لا ألغي في هذه الحالة دور المجتمع الدولي, بل إن الدور الرئيسي والأهم للمجتمع الدولي هو المساندة والدعم لإرادة الشعب السوري من أجل ممارسة حقه في تقرير مصيره من خلال إتخاذ قرارات نافذة لصالح الشعب السوري وتوافقاته التي يتم إعتمادها في المؤتمر المزمع.

الشيء الآخر والمهم الذي لا يمكن أن نتجاهله هو, أن الأزمة السورية لا يمكن أن تُحَلَ بمعزل عن الأزمات القائمة في الجوار السوري, إنطلاقاً من حقيقة أن ما يحصل في سوريا من حروب وصراعات ( عنوانها ثورة بجوهر طائفي ) ليست من بناة الشعب السوري بمعزل عن الدور الإقليمي.. وفي هذا المشهد المعقد كانت العراق سباقة لإشعال نار هذه الحرب المجنونة والتي راحت ضحيتها أكثر من مليون عراقي, وذلك بعد عام 2005 إلى اليوم.. فهل من الممكن عزل الأزمة السورية عن ما تجري في العراق من صراعات؟ وهل يمكن بأي حال من الأحوال إنهاء دور الحكومة الإيرانية المحركة لإدارة هذه الحروب والصراعات؟ وكذلك الدور السعودي الذي يتقدم على الدور الخليجي, وكأنها أخذت إستراتيجية الحرب والصراع مع المطامع والمصالح الإيرانية على أرض عراقية وسورية وعلى حساب شعوب البلدين من خلال الدعم لمناصريها... أعني ما أعني, أن الأزمة في سوريا لا يمكن أن تُحَلَ بمعزل عن المحيط الإقليمي, وأعتقد أن المنطقة بمجملها تتجه نحو المتغيرات الحقيقية وقد تكون أكثر دموية.

ثانياً, أما بالنسبة للحضور الكوردي لتلك اللقاءات والحوارات بما فيها مفاوضات جنيف, أعتقد أن الكورد في وضعه الحالي ليس مهيئاً ذاتياً ليكون حاضراً كوفد مستقل يمثل المكون الكوردي. فالإنشقاق الحاصل بين صفوف الحركة السياسية الكوردية لايخول أي طرف من أطراف الحركة ليكون حاضراً على طاولة المفاوضات. والذي لا يمكن أن نتاجاهله بأي حال من الأحوال, هو معالجة الوضع الكوردي البينية, وتوحيد صفوفه في إطار يمكن أن يتم إختيار وفد موحد تتفق عليه الأطراف لتمثيل الشعب الكوردي وقضيته القومية, عندها فقط سيكون حاضراً في كل الحوارات واللقاءات والمحافل الدولية التي يتم فيها الحوار والبحث عن سبل لإنهاء الأزمة في سوريا ووضع أسس جديدة ومعايير جديدة لبناء دولة حديثة تتشارك جميع مكونات شعبها في البناء. بدون تحقيق توافق كوردي واعتماد وفد موحد لا يمكن أن تتقدم الدبلوماسية الكوردية. وأن كل المحاولات التي يسعى إليها حزب الإتحاد الديمقراطي ليمثل الكورد لوحده لاتنتج بما يطمح إليه, وكذلك المجلس الوطني الكوردي الذي يرضي ذاته بوجود ممثله مع وفد المعارضة أيضاً لا يلبي بما هو المطلوب في هذه المرحلة الدقيقة, كون هذا التمثيل بحد ذاته يشكل ضعفاً في الموقف الكوردي تجاه الحجم الضاغط على ماهية مستقبل الشعب السوري ودولته التي يطمح إليه في ظل تجاذبات دولية وإقليمية وإنعكاساتها الخطيرة على المشهد والعملية التفاوضية التي تُهَمَشُ في غالبيتها الكورد, وإن حضر الممثل عن المجلس الكوردي ضمن الوفد المفاوض لايتاح له فرصة التدخل عند إتخاذ أي قرار لطالما لديه صوت واحد مقابل أحد وثلاثين صوتاً " هذا إن اعتمد طريقة التصويت على إتخاذ القرارات ". أعتقد بدون تشكيل وفد كوردي مستقل ليكون مشاركاً في المفاوضات, يعتبر أن الكورد في حالة غياب عن كل ما سيجري من توافقات على مصير سوريا المستقبل.

-----------------------

13/1/2017