القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 510 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: الحرية الشرق أوسطية

 
الثلاثاء 03 كانون الثاني 2017


مروان سليمان

إنها شعار الثورات و حلم الثورة و الثائرين و لكن قبل تحقيق الأحلام يجب إدراك معانيها و ما هي الوسائل التي يمكن استعمالها لتحقيقها و إلى أي شئ تشير تلك المعاني هي حقاً شعارات علت صداها في المنابر و على الشاشات نطقوها كمبادئ و أهداف مجردة بلا معنى، إنها الحرية التي هي عكس الإستبداد و هو التخلص من العبودية بأشكالها و تنويعاتها و هو المعنى السياسي و الإجتماعي لها و الحرية شئ فطري طبيعي و هو جزء من غريزة الإنسان و لكن في المجتمعات الشرق الأوسطية يكون الشق الفردي من الحرية غائبة تاريخياً و ضائعاً داخل الشق الجماعي لأن الفرد يتصور أن هناك آخرين يفكرون عنه و يتكلمون باسمه و يلزمونه بهذا الشئ و ذاك


و هذه ثقافة موروثة و بالتالي حتى يتخلص المرء من ذاك الإحراج ينسبه إلى شئ آخر لأن الحرية ليست ترفيهاً فكرياً و لا خياراً نخبوياً أو ثقافياً بسبب غياب الكيان الفردي في ثقافتنا لأن فكرة الإجماع تحكمنا و لهذا فإن الإحساس بالحرية كإشكالية غائبة تماماً عن الثقافة و في العقل و هنا عندما تكون الذات الفردية غائبة يتكون النفاق العقلي بسبب الكبت الديني و الإجتماعي و هذا وضع غير طبيعي لأنه لا بد للذات أن تعبر عن نفسها على المستوى الفردي و بالتالي يحدث الإنفصامات في مجتمعاتنا و هناك شئ من الوهم لإحتواء الذات عن طريق رسم صورة عنه لأن جميع الجهود تبذل من أجل رؤية الذات و إن عصرنا أصبح عصر المعلومات الوفيرة و البارزة و مع ذلك كلما زادت الشفافية كلما إزداد الشعور بكثافة العمل المشترك و هنا نصل إلى التناقض الأصلي لمجتمعات تعرف تفاصيلها و لكنها لا تفهم نفسها على الإطلاق مثلاً ما الذي يريده سكان المنطقة  أن يحققوه من الحرية ؟ ما الذي يخططونه من أجل تحقيق الديمقراطية؟.
عندما تخلى الإستعمار عن مستعمراتها في منطقة الشرق الأوسط و في مرحلة الإنتقال نحو بناء الدولة و المدارس و إنتشار التعليم و التعامل مع الأفكار و المناهج الغربية فأصبحت ظاهرياً الأطر المدنية هي الواجهة الأمامية و لكنها بقيت من الداخل محافظة على التراث الفقهي و الوالي و السلطان و الخلافة الآتي من التخلف فتم الخلط ما بين المفهوم الحديث لبناء الدولة على مقاسات معينة و مطعمة بآليات التخلف الموروث وهذا ما أدى إلى بقاء الشعوب في حالة الجهل و التخلف الأعمى و لم تعلمها على مفاهيم الحرية و هذا الإطار لم يغير من طبيعة الإجتماع السياسي المتخلف و إن ظهرت بعض التقلبات و التجارب و لكنها كانت فردية لم تستطع تغيير الواقع الإجتماعي و لم ينتبه أحد للجمود الذي بقي يراوح مكانه و حتى المتغيرات مثل الثورات لم تعبر عن ذلك بسبب عدم إستطاعة المجتمع عن التعبير عن ذاته و لذلك لا بد من التأني حسب ما يريده حركة التاريخ البطيئة أصلاً و لا ننسى بأن الثورات الحقيقية تحقق أهدافها و بما أن شعوبنا تربت على التراث الإستبدادي القديم( عقلياً و نفسياً و سياسياً) حتى دخلت في عمقه الروحي بجميع ما تحمل من معاني فخطفت روحه و عقله و أفقدته كرامته و إنسانيته و الجميع ينتظر التغيير.
قد يروق للكثيرين من شعوب منطقة الشرق الأوسط معنى التغيير هو استبدال طاغية بأخرى أو طرح شعارات براقة للحرية لا يمكن أن تخلق وعياً سليماً و تبقى الفوضى و التعصب و العنف تحت طبقة اللاوعي و لا تحرر العقل من الخرافة و الأوهام  و هذا يدل على أن شعوبنا يعيشون مرحلة إنتقالية قد تمتد لسنوات طويلة عبر أجيال من أجل إرساء دعائم السلام و الأمن في المنطقة لأن العلاقة الإجتماعية الممتدة جذورها في لاوعينا الجماعي تطغى على العلاقات المدنية التي تفرضها القوانين و الدساتير كعقد بين المواطن و الدولة و يكون القانون و الدستور تحت أقدام المسؤولين و فوق رؤوس الفقراء و يتكرس الشقاق و الحقد و يؤدي إلى مصادمات بين السكان و هذا يقف عائقاً أمام بناء دولة دستورية و قانونية حسب المواصفات الحديثة و يبقى عقد الآمال على النظام القادم من أجل التخلص من إحباط و تخلف القديم البالي في تأسيس حوار مبني على قيم التسامح و الإحترام المتبادل لتقارب الفارق بين الثقافات و إقامة ترابط معقول يكون نقطة إرتكاز لبناء المؤسسات.
مروان سليمان
مدرس في المدارس المهنية في المانيا(سالتزغيتر)
02.01.2017 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات