حوار في الثقافة مع وكيل وزارة الثقافة الاستاذ فوزي الاتروشي
التاريخ: الجمعة 30 ايار 2008
الموضوع: القسم الثقافي



اجرى الحوار: احمد لفتة علي

فوزي الاتروشي، نغمة لحنية موسيقية متفردة لمن يعشق الانسان. والحب والحياة، فهو شاعر يحمل قلب طفل وعقل العلماء وتواضع العظماء، محدث لبق يختار كلماته بدقة، وينفد بها مثل سهم خارق للهدف، عميق الثقافة واسع الاطلاع، متعدد اللغات، ذكي جدا والمعي سافر الى كثير من البلدان، وجاب العديد من الاوطان، وبقي وفيا لكوردستان وفيا لبلاد الرافدين، احب الجواهري، والبياتي ورافق وزامل وكتب عن بلند الحيدري واحب المرأة وغنى لها بدواوينه الكثيرة ودافع عنها


فهو كاتب وشاعر وسياسي واعلامي جريء دقيق في المواعيد تسحرك انسيابيته ويترك شفافيته في نفسك اثرا لا ينمحي، وفوق شاعريته ودقته القانونية وثقافته الموسوعية، يسكن روحه حب الانسان بكل معاني الانسانية، اذا رأيته او دخلت عليه لاول مرة، وجدته وكأن بينك وبينه روابط من التعارف والصداقة منذ سنين طويلة، محب لعمله ومنهمك فيه وكأن الحياة ساحة امتحان او معركة ولهذا فهو عاشق الكلمة والكتابة والقراءة وغارق فيهما... ويحب الفن والمسرح ويحب الثقافة ويحب البيئة ويدافع عن حقوق الانسان ايما كان هذا الانسان.. لان كوردستانه الذي يحمله في قلبه وعقله ووجدانه...
ذاق ظلم الدكتاتوريات وعنهجية الانظمة الشمولية ومرارة سحق براءته وانسانيته، ولهذا عاش معاناة الغربة وعرف البرد والجوع وعرف ارغفة الحزن وارصفتها (يداي تصافحان الحزن ارغفة/ وعيني تجعل الاحزان ارصفة/ تنام بها.. تعيش لها.. تمر بها.. ويبقى الحزن نيرانا)... فاغرق في صحارى العمر لادفء ولامطر/ خريف الحب يفزعني).. الحديث مع الاتروشي لا ينتهي هو حديث مع الحب والمرأة.. والموسيقى والجمال... حديث النفس للنفس، حديث ثقافة بلاضفاف، حديث الابحار مع الانسان.. مع البيئة النظيفة، حديث الازهار والورود لانه يعشق الورد والسمو والكمال... رغبنا ان نحاوره حديث الثقافة وهموم المثقف وفضاءه.. حاورناه عن هموم وزارة الثقافة ودورها وافاقها.. بناء الانسان العراقي ومداواة جروحه واوجاعه والامه... وضع المرأة ومكانتها ودورها.. وددنا ان يستمر الحديث وهو المتخم بالاعمال والاعباء والمسؤوليات ولا يتقطع في هذه الجولة من الحوار وانما ان يكون لنا معه جولات اخرى فرحب كعادته وبساطته وتواضعه الجم.. وشاعريته وانسيانيته فكان لنا معه هذا الحوار:
-تلعب الثقافة دورا مركزيا وهذا الدور يجعل المثقف العراقي يختلف عن مثقف البلدان المتقدمة من حيث الدور والمسؤولية، وهذا الاختلاف ليس مزية بقدر ما هو واجب وضرورة تمليها ظروف العراق في المرحلة التاريخية الراهنة من حيث تعطيل الكثير من المؤسسات (الهياكل الثقافية) لغياب دور المثقف!!
الثقافة سياق تعددي تنوعي لا تقبل الزي الموحد

فماذا ترون كمثقف اولا.. وكوكيل لوزارة الثقافة العراقية..؟
بودي اولا ان اشكر جريدة التآخي على اجراء هذه المقابلة وهذا الحوار لنعبر عن مفصل اساسي في حياتنا وهو غياب او تغيب دور الثقافة والمثقفين في حياتنا في العراق، غياب دور المثقف لا يعود الى اليوم بل له ماض طويل على مدى خمسة وثلاثين عاما جرى تنميق وادلجة وشخصنة الثقافة العراقية.. كانت خطابا ايديولوجيا ذليلا وهزيلا تابعا الى وزارة الثقافة والاعلام في النظام البائد، طبعا كان هناك كما قلت في الفترة السابقة الاخيرة من حكم الدكتاتور شخصنة الثقافة بمعنى انه حتى الثقافة التي كانت تدعم النظام... لم يكن هذا كافيا بل كان عليها ان تكون بقدر مقاسات الدكتاتور ومفصله حسب قميصه.. طبعا ادى هذا ان يتحول المثقف من معادلة (اكتب لكي اغير.. اكتب لكي اعيش) هذا اثر الى حد كبير في المثقفين الى حد جعلهم يفضلون الخبز على الحرية... في حين ان وظيفة المثقف هو الدفاع من اجل توفير الخبز والحرية معا... الافراز الحتمي لهذا جعل الحاضنات في الخارج او الحاضنات الثقافية المعارضة في الخارج هي التي تزدهر فيها الحياة الثقافية العراقية..
انت تعلم ان عدداً من خيرة العناوين الثقافية في العراق ماتوا ورحلوا.. وهم مجردون من الجنسية ولم نستطع ان نمنحهم قبرا ليدفنوا فيه.. في هذا الوطن بينهم الجواهري الذي عمره اطول من عمر الدولة العراقية.. وبينهم الشاعر المجدد عبد الوهاب البياتي.. وبلند الحيدري الذي كنت التقيه دائما في لندن كتبت مراثي لكل هؤلاء الشعراء في الصحافة العربية في الخارج واتذكر عنوان مقالي حول بلند الحيدري (اين ندفن هذا الشاعر)؟
ونشر في لندن في جريدة القدس العربي.. هذه مشكلة ان الشاعر يموت ولا تدري اين تدفنه؟ !! بتقديري ان الثقافة في العراق حملت ارثاً ثقيلاً ونحن ورثنا ارثا ثقيلا من النظام السابق ورثنا معادلة تسييس الثقافة بالمعنى الضيق لكلمة الثقافة.. ورثنا الطابع الذرائعي الاتكالي، ورثنا سياقات لغوية مكروهة.. ورثنا ايضا محتوى ثقافيا ينشد الحرب والدمار ويعمل على تدمير الانسان والمجتمع.. هذا هو حال الثقافة في الداخل.. بالطبع كان يفترض ان تتغير بعد سقوط النظام النظرة الى الثقافة في العراق.. وان يجري النهوض بها وان يتم اعتبار وزارة الثقافة من الوزارات السياسية والسيادية ايضا وان يجري تخصيص موازنة لها لا تختلف عن موازنة الوزارات الاخرى على اساس ان مشكلتنا في العراق الجديد مشكلة ثقافية قبل ان تكون مشكلة سياسية.. انعدام الارهاب ونشر ثقافة اللا عنف وثقافة التسامح والحوار وهذا يؤدي الى ان تكون ارضية صلبة للاستقرار السياسي بشكل عام... ولكن ما زالت الحكومة تنظر بنظرة هامشية الى وزارة الثقافة..
ولو انني فرحت جدا يوم افتتاح مهرجان بابل عاصمة للثقافة العراقية لعام 2008 حين قال دولة رئيس الوزراء الاستاذ نوري المالكي: ان الوزارة اساسية وانها سيادية وانها تهدف الى البناء الانساني والمجتمع اتمنى ان يتحول هذا الكلام الجميل الى واقع عملي على الارض.. لذلك اينما انتهت الثقافة كان هناك الافراغ الثقافي وتدمير المجتمع وسيادة الشمولية فيها. ويعني لم يكن ممكنا بان النازية ان تنتصر وتتسلق الحكم في المانيا لولا الخطاب الثقافي لكوكوس حين قال: (اذا سمعت كلمة الثقافة اتحسس وسادتي) لم يكن للفاشية ان تنتصر في ايطاليا لولا كتاب ميكافيلي وشيوعه بين النخبة الحاكمة في ايطاليا، وكذلك خطاب فرانكو في اسبانيا.. المدارس الشمولية نجحت في البلدان التي تراجعت فيها الثقافة..
لان الخطاب الاستراتيجي الابداعي الانساني تراجع، لهذا سادت سياسة شمولية، سياسة مدمرة للتعددية لسياقات الانفتاح الانساني، انا ارى المطلوب ان يتكون مفهوم جديد ومضمون جديد للثقافة.. هل الثقافة هي فقط شعر ورواية ولوحة (او ان مفهوم الثقافة ابعد من ذلك بكثير وهو مفهوم اوربي لان كل النتاج الفوقي.. والبنيان الفوقي عملية ديناميكية تغيرية تثويرية نقدية استشراف افاق المستقبل.. الماضي لا يعنيها الا بقدر على بناء الحاضر والتطلع نحو المستقبل.. انا ارى ان ميزانية وزارة الثقافة يجب ان تتغير.. وان تغيير فهمها للمثقف وعلاقة هذا المثقف بالسلطة والابداع.. الثقافة والحضارة صنوان مترا دفان.. بما ان كل الحضارات الانسانية وكل الثقافات ايضا انسانية ويجب ان تكون انسانية ويجب ان تكون منفتحة على الاخر.. ويجب ان تكون خادمة للبشرية جميعا.. في رأي اذا حصل اي تقوقع ضمن الهويات الصغيرة لن تكون هناك ثقافة.. والثقافات المحلية استطاعت ان تصلح هوية للحضارات فيما اذا تعدى الاطار المحلي الى الاطار العالمي.. ثم نحن في العراق ورثنا ارثاً قبيحاً.. نحن الان نعمل ضمن وزارة الثقافة على بلورة سياقات واليات لمجمل ادارة الثقافة في العراق..
انا لا ارى ادارة الثقافة بالمفهوم الجامد حيث جيش من الموظفين يعملون في الصباح الباكر وحتى ما بعد الظهر.. انا ارى ان ادارة الثقافة تعني اولا: ضخ الحياة في الاتفاقات الدولية.. واعادة التواصل بين العراق والخارج ومن خلال تصدير العراق للخارج بتقاسيم جميلة بماضيه العريق وثقافاته الغنية الثرة.. وليس بتقاسيم الحرب والدمار والارهاب الذي اصبح مع الاسف على مدى خمسة وثلاثين عاما من الدكتاتورية والتي اصبحت ماركة مسجلة عراقية.
وهذا الوجه القبيح يجب ان يتغير.. انا اعمل لاعادة التواصل بين العراق والعالم ويجب ان نعمل على ارشفة الثقافة العراقية.. الثقافة العراقية مازالت غير مؤرشفة للمثقفين في العالم.. وبالطبع نحن نعاني مشكلة الكادر الفني او نظم الادارة الحديثة في الوزارة.. وهناك جملة اخرى من المفاهيم التي تنطوي تحت مصطلح ادارة الثقافة..
وكما تعلم ان البنية التحتية للثقافة في العراق بحاجة الى نهوض جدي ليس هناك مسارح دور عروض سينمائية ودور لعروض المعارض للوحات الفنية التشكيلية بفروعها (الرسم/ النحت/ التصميم) الدعم.. ثم الدعم للمثقفين المبدعين ودعمهم قليل للغاية.. وهذا لايعود.. ولا اقول يجب ان نعمل ويجب ان نعمل على شيء اخر.. بلورة الثقافة لكل الوان العراق... النقطة الثانية: نجاحنا الان في العراق علاقات فكرية.. يجب ان تتكامل.. ولا نتصادم لان الثقافة بالاساس لها سياق تعددي وتنوعي لا تقبل الزي الموحد..
لابد من توفير فضاء الحرية للمنابر الثقافية
-صورة المثقف العراقي غير واضحة ومشوشة لان صورة المهمة ذاتها التي يتصدى لها مرتبكة اي غير محددة وبالتالي غير واضحة... هناك خطابات ثقافية مختلفة ومتنوعة، هذا فضلا عن ثقافة العنف والارهاب وعدم الاعتراف بالاخر..
توفير فضاء الحرية للمنابر الثقافية.

سيادة وكيل وزارة الثقافة: كيف ترون الصورة؟ وما هو البرنامج الواضح الذي تحملونه..؟ وما هو دور المثقف.؟ وما هي المهمات التي يمكن ان يضطلع بها هذا المثقف العراقي.. برأيكم..؟
-هذا كما قلت انفا.. تهميش للثقافة من قبل النظام الدكتاتوري السابق.. ادى ايضا الى ظاهرة سلبية اخرى وهي قطيعة بين المثقفين وخاصة مثقفي الخارج والداخل.. القطيعة بين المثقفين العرب ومثقفي القوميات من الكورد.. والكلدو-اشور.. والتركمان.. الخ القطيعة حتى على مستوى التوزيع الجغرافي ثم جاءت قطيعة اخرى هي القطيعة الطائفية بين المثقفين... لذلك يجب ان تعمل الوزارة على جملة محاور: منها انهاء هذه القطيعة.. نحن قبل مدة.. كان لنا لقاء حواريا نشر في عددين من اعداد صحيفة (الصباح الجديد) وبحثنا موضوع انهاء القطيعة بين المثقفين العراقيين وبالتأكيد هذه المهمة الاساسية لوزارة الثقافة.. ومهمة وزارة الثقافة قد لا تكون بالدرجة الاولى: انتاج الثقافة وان كان هذه احد المحاور.. ولكن وزارة الثقافة لا يمكن ان تحتل كل فضاءات الحرية.. ونحن جهة منسقة مشتركة وميسرة ومسهلة للعمل الثقافي والابداعي في العراق ونعمل على سياقات كما قلنا.. انهاء القطيعة وتوفير فضاء الحرية للمنابر الثقافية وايضا بناء جسور للثوابت الوطنية بين المثقفين العراقيين.. لان الهوية العراقية.. الثقافة العراقية مادة الخام لهذه الهوية... ولا يمكن بدون اسس وثوابت وطنية وثقافية.. التحدث عن هوية ثقافية عراقية والهويات الثقافية هي تعبر عن الثوابت الوطنية.. واذا كانت هناك فواصل وتنازع بين الثقافات المتنوعة والمختلفة سوف تكون هناك كارثة ومعناه لم تجمعنا الثوابت الثقافية ولن تكون بالتالي هناك هوية ثقافية عراقية كما اوضحت ذلك فيما مضى من الحديث..
يجب اخراج الثقافة من الخطاب المؤدلج الى خطاب استراتيجي.

ان ثقافة اي شعب تمثل السمات الرئيسة التي تكون وجدانه.. وتعكس مدى صلابته.. وتحدد كيف يفكر؟ وكيف يواجه الازمات.. وهل تستطيع الثقافة مواجهة المشكلات الحقيقية للناس؟ وهل تستطيع ثقافتنا العراقية التعبير عن طموحات الناس واحلامهم؟ وكما نعلم ان الثقافة خير معبر عن الروابط الاساسية وتطلعات المستقبل اكثر مما ترتهن للطارئ والجزئي وكما تفعل السياسة غالبا.. ما تعليقكم سيادة الوكيل..؟
انا ارى فهما ابعد للثقافة مما يمنح له في دول العالم الثالث: انت لو تلاحظ فهم الثقافة في الدول العريقة مثل انكلترا والمانيا واميركا.. ترى ان الثقافة هي عامل تجميع للشعوب القاطنة على الارض..
والان لو كنا مثل السابق نعول على عامل اللغة وعامل العرق في تكوين القومية.. ولكن اثبتت الثقافة انها قادرة حتى في حالة عدم توفر عامل اللغة الموحدة ان توحد شعبا على اساس مصالح وثوابت مشتركة ورسالة سياسية واقتصادية واجتماعية وحضارية في العالم والهند مثال على ذلك.. اميركا كمثال على ذلك.. والسويد اصبحت مثالا على ذلك وهناك ثقافة سويسرية تجمع الشعب الالماني.. والشعب الفرنسي والشعب الايطالي في بودقة واحدة هي دولة سويسرا.. هناك بودقة الثقافة الهندية، الحضارة الهندية هي تجمع عشرات الاثنيات والعروق ومئات اللغات مع بعضها وكلها تنتمي الى الهوية الثقافية الهندية او الحضارة الهندية وينطبق ذلك على دول عديدة..
نحن كمجرد انتاج ابداعي فهي تشكل هوية في العراق وبالتاكيد لم نكن ناجحين في تشكيل هذه الهوية وبتصوير ثقافة عراقية موحدة على اساس المصالح والعقلية والانتلجسي المشترك.. لذلك حسب تقسيم وقطيعة بين القوميات ومكونات الشعب العراقي ان هذه ايضا مهمة استراتيجية اساسية تواجه الثقافة العراقية.. وليست وزارة الثقافة وحدها هي المعنية بهذا الامر انما وزارة الثقافة وايضا قوى المجتمع المدني وكل المراكز والتجمعات الثقافية والبيوت الثقافية على ارض العراق وهذه مهمة اساسية لنا جميعا.. وبدون تشكيل هوية ثقافية موحدة لنا لا تكون هناك هوية سياسية موحدة للعراق.. لذلك يجب اولا العمل على اخراج الثقافة من الخطاب الزئبقي اليومي المؤدلج واعادته الى خطاب وسياق استراتيجي بعيد المدى وهذه هي العجينة التي يمكن ان تربط بين المواطنين والدولة وبين مكونات القومية والدينية والطائفية..
الان حين تخندقت الثقافة في الطائفية وفي الهوية الصغيرة وفي القومية والاثنية والمناطقية وفي المحلية وحتى في التكتلات في المجاميع الارهابية.. اذا تبعثرت هذه الهويات. علينا اعادة الثقافة الى اللحمة على مستوى الوطن العراقي وهذه ليست مهمة وزارة الثقافة وحدها كما قلت انفا وانما مهمة كل المثقفين ايضا ومهمة السياسيين.. وكل المعنيين بامور الثقافة في العراق...
نقطة اخرى هي اني ارى ان وزارة الثقافة هي وزارة الوزارات هي ان تكون على صلة بكل الوزارات.. يجب ان نكون معنيين بالتعاون مع وزارة الداخلية لنشر الثقافات وخاصة ثقافة اللاعنف.. ويجب ان نكون متعاونين ومتضامنين مع وزارة البيئة لنشر ثقافة البيئة ولتعلم ان ثقافة البيئة متخلفة جدا لدينا.. ومتطورة جدا في البلدان الاوربية ويجب ايضا ان نتعاون مع وزارة حقوق الانسان لكي ننشر لثقافة حقوق الانسان.. اذن.. ادعو الحكومة ان تستوعب هذا المفهوم المتطور والحضاري للثقافة ادعو اي سياسي عراقي ان يتخذ موقف ديغول في اجتماع في باريس حين كان يحدد اسماء الاشخاص الذين يشغلون الحكومة الجديدة.. ديغول حدد اسماء كل الوزراء بما فيها الوزارات السيادية دون ان يلقى اي صعوبة حين وصل الى وزارة الثقافة ووضع قلمه على المنضدة... وقال: دعوني!!
وساعدوني لكي نجد شخصية عريقة بمستوى عراقة ثقافة فرنسا لاشغال وزارة الثقافة!! وجد صعوبة في تحديد هوية الشخص هذه هي حقيبة وزارة الثقافة في فرنسا وهذا هو المفهوم الحضاري للثقافة ولوزارة الثقافة في المانيا او انكلترا وغيرها من الدول الاوربية المتطورة..
وبالمناسبة في المانيا وزارة الثقافة هي واحدة من اهم الوزارات في الحكومة الالمانية التي يقع عليها عبء كبير في بناء الانسان والمجتمع.. واستطاعت المانيا ونجحت في ذلك ولكل المقيمين في المانيا من المواطنين الاجانب.. وزارة الثقافة في المانيا هي تشرف مثلا على تربية النشء الجديد وعلى ضخ المساعدة لكل المبدعين سواء كانوا من المواطنين ام من غيرهم من المقيمين في المانيا من الاجانب.. اي شخصية اجنبية لها الحق في ان تصدر مثلا نشرة او جريدة او مجلة لخدمة هذا القطاع او ذاك وبعد صدور العدد الرابع.. واذا امتنعت وزارة الثقافة الالمانية بذلك تحول النشرة او المجلة او الجريدة وابتداءً من العدد الرابع للجريدة او المجلة او النشرة...
هذه النظرة القائمة على ان وزارة الثقافة الالمانية لا يمكن ان تفكر بكل مواطن الضعف لديها فيأتي شخص او ربما ان هناك مثلا طائفة او قومية صغيرة في المانيا ليس لها لسان حال فتمد لها الوزارة كل الدعم والمساندة لقضاء هذا الجانب من العون والمساعدة او ان هناك جانباً من جوانب الحياة غير مغطى بشكل كاف اذا اقتنعت الوزارة استطاع الحصول على كل الدعم والمساندة بمعنى هناك ترابط اساسي بين الوزارة والجهة ذات الحاجة وترابط حقيقي بينها وبين منظمات المجتمع المدني وهي بالمناسبة بالالاف فعلا.. المجتمع المدني في اوربا هي السلطة الخامسة بعد السلطة الرابعة وهي الصحافة وبدون هذا الفهم الحضاري للثقافة لا يمكن ان نحسب بان وزارة الثقافة هي وزارة من الوزارات هي معنية باصعب مهمة وهي مهمة بناء الانسان والمجتمع..
انك تستطيع ان تبني فندقا كبيرا في عدة اسابيع او اشهر او تبني اية بناية شاهقة في مدة عشرة ايام ولكنك لا تستطيع بناء الانسان وتحتاج الى عمل مثابر وجهد واليات لبناء الانسان ولاعادة ما دمر من هذا الانسان ولاعادة ترميم الانسان العراقي الذي تعرض لثلاث حروب كارثية والحصار والقمع والكبت وحكم من قبل نظام شمولي جائر يحسب للانسان العراقي المخنوق حرية وارادة الف حساب على مدى خمسة وثلاثين عاما وكانت الحرب الرابعة غير معلنة هي التي بدأت في 14-17 تموز من عام 1968 ولغاية سقوط النظام السابق.. وهي الحرب الصامتة احيانا والمعلنة احيانا اخرى والضمنية تارة والصريحة تارة اخرى ضد الانسان العراقي في الداخل هذا الانسان المسحوق لم تنتبه الكثير من المنظمات الحقوقية لهذه الحرب الصامتة.. وكان فيه الانسان العراقي يتمنى ان يموت او يفضل الموت بطلقة واحدة وهي طلقة (الرحمة) كما تسمى قبل ان يتعذب ادبيا ونفسيا وانسانيا.. (حضارة بلا نساء محض سراب.. وديمقراطية بلا نساء محض خرافة)

الاستاذ فوزي الاتروشي وكيل وزارة الثقافة هل لكم رسالة تودون توجيهها لجهة ما؟ او شيء تودون قوله اخيرا... ولا ننسى ان لنا معكم جولات اخرى من هذا المنبر ان شاء الله..
دعوتي للحكومة العراقية ان تقدم المزيد.. والمزيد من الدعم لوزارة الثقافة وللمثقفين ولكل الجهات المعلنة بنشر الثقافة.. من هذه الدعوة ان تستثمر الحكومة اتفاقية الاستثمار في الانسان العراقي بناء وتجميل الحاضر.. وبناء المستقبل ايضا.. انا من القائلين اي ديمقراطية سوف تبقى ناقصة سوف تبقى عرجاء قائمة على ساق واحدة اذا لم تشرك الملايين من النساء في عملية الانتاج والابداع، هذه مسألة حيوية ومهمة للغاية ولا يجوز للاقلية وهم الذكور ان يضطهدوا الاكثرية وهم النساء وان مقولة المرأة نصف المجتمع لم تعد صالحة واي ديمقراطية اذا كانت الاقلية تضطهد الاكثرية وتقتلها..!!
هناك العشرات من النساء يقتلن يوميا وهذه كارثة ثقافية وسياسية.. اعتقد ان وزارتنا معنية بهذه المسألة ووزارة حقوق الانسان والوزارات الاخرى ومجمل الحكومة وكما قلت في مقال لي (حضارة بلا نساء محض سراب.. وايضا ديمقراطية بلا نساء محض خرافة)..






أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=1651