القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: الشاعر فائق بيكس قصة حياة قصيرة و نضال طويل

 
الثلاثاء 19 كانون الأول 2017


دكتور هژار أوسكي زاخوراني
 
جرت العادة في هكذا نوافذ أن يتم ذكر لمحة عن حياة الشاعر أو الشخصية المنشودة وهنا نستطيع سرد سيرته الذاتية التي اتسمت بالشقاء والأسى  وربما حق القول بأنها لم تكن أغلب الأحيان ذاتية لانخراطه بين صفوف العامة ومهندسا لتحركاتهم 
 
أولا- قصة الحياة القصيرة والنضال الطويل:
 
فائق بيكس ١٩٠٥_١٩٤٨ وهوفائق بن عبدالله بگ بن حمي بن ألياس قوجه ولد في قرية سيتك التابعة لمدينة السليمانية وفي عامه الثاني أنتقلت عائلته إلى السليمانية وهنا أصيب بالجدري الذي أثر في عينيه وعلى قلبه ((لانعدام الرعاية الصحية )) وفي عمر السابعة انتقل مع عائلته  الى بغداد ومن ثم سافر والده إلى تركيا تاركا العائلة هناك 


 في بغدادحيث تتوالى عليهم المآسي  فيغرق أخاه في نهر دجلة وتموت أمه وكذلك يموت خاله و ويبقى هو و أخوه  وحيدين في بغداد في ظروف صعبة  بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى وانقطاع الطريق الواصل إلى السليمانية لكن وبمساعدة من الخيرين(حبة خان التي تعتني به وتأخذه للمدرسة )وعندما تسوء الأحوال من جديد في بغداد  تذهب به  إلى عمه في السليمانية وذلك في عام ١٩١٨م وفي عام ١٩٢٩يبدأ عمله في مجال التدريس.
ويبقى  كيتيم ووحيد طوال هذه الفترة وبموت والده في عام   ( ١٩٣٠) في مرعش في تركيا يتجلى بكل وضوح  لقبه ((بيكه س)) .
ونظرا لنشاطه الجماهيري المستمر والسياسي تبعده السلطات وتنقله الى الحلة عام ١٩٣٧ ومن بعدها الى العامرية  لكنه يرفض النقل هذه المرة .
 كان مصدر أرق وقلق للسلطات على الدوام والطريف إن أخر مذكرة أعتقال صدرت بحقه بعد وفاته .

ثانيا شعره :

لا يمكننا فهم ودراسة شعر فائق بيكه س كشاعر مجرد فشعره وكل بيت قصيد له  كان نتيجة لنضاله وكفاحه حينا وأداة له حينا أخر. هو المناضل الجريء المتعطش لأمال شعبه تجده في كل مكان وفي كل ركن ملتهب ومع كل شرارة أنتفاضة رغم مرضه وبؤسه وضيق حاله كان ناشطا سياسيا مثقفا وسباقا إلى منفعة ملته فنجده منتسبا للحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني وبعدها بين صفوف الحزب الديموقراطي الكردستاني العراقي و صوت الحق وسندا لكل الأمم في نيل حريتها وداعيا الى أخوة الشعوب وتكاتفها ضد الاحتلال الإنكليزي ونصيرا للمرأة في وجه كل ما يحيدها عن ممارسة دورها الفعال في المجتمع وملحا على طلب العلم والمعارف
وهنا لامفر من تسليط الضوء على حدث هام في الساحة الكردية متمثلا ب
النهضة التنويرية والنضال القومي :
شهدت الساحة الكردية حدثا هاما  بحضور مجموعة أسماء أدبية مستنيرة ولامعةو منتقدة وجريئة وثورية في أفكارها ومن هذه الأسماء    فائق بيكه س وايضاشعراء أمثال( پيره مرد و حمدي وگوران وقانع وغيرهم) أدت هذه النخبة المثقفة النشطة  بكفاحها إلى توعية في صفوف الجماهير وخاصة جيل الشباب من الطلبة والمتعلمين وجدير بالذكر إن  الشاعر فائق بيكه س كان من قادة أنتفاضة السليمانية ٦/أيلول/١٩٣٠  حينها و لأول مرة تشهد المدينة هكذا انتفاضة كسابقة في تاريخ النضال الكردي، فتخرج المدينة عن بكرة أبيها وعيا من الكرد بأن حكومة بغداد  أرادت التلمص  والالتفاف على حقوقهم التي أتفق عليها مسبقا لقد كانت انتفاضة شعبية مدنية سلمية   لكنها قمعت بالسلاح وكان(الشاعر فائق )في الصفوف الأماميةو  جرح يومها وسجن ورغم السجن والأسر بقيت أرادته وشعلته متوهجة وصوته صرخة قوية ومحرضة .
١شاعر الأرادة 
فيقول في سجنه بنبرة الكبرياء وبعزم لايلين وبنظرة جديدة في الشعر الكردي تغمرها التفاؤل فرغم الدماء التي سالت فهي نبراس مضيء وهي يقظة شعب أفاق من غفلته وأيقن حقه  مناقضا أغلب الشعراء في وقته اللذين فاضت قصائدهم حزنا وأسىى إلا إن أشعار بيكه س كانت زهورا للأمل 
يقول بترجمة مرادفة :
أيا وطن حق الحق فتنتني         ليس عن عشقك ما أشغلني
 
أيا وطن لاتكترث ولاتحسبني     بغافل عنك فحبك أرهقني
 
لا الأسر والقيد   الذي أثقلني.      بقادر محو ذكرك أيا وطني
 
بالله الواحدالأحدالذي ألهمني.      عشقك نار تستعر و تأسرني
 
كفاك حزنا بجروحك سأعتني.      عليك اليوم أن تفرح وتغني
 
كفى حزناصهوة سعدك أمتطي       وافرح مبتهجا اياموطني
 
مفتخرا منتشيا  رافع الجبين.         فشهرة جالت العالم أجمعين
 
هاقدانتفض أبناؤك الميامين.      فلما يبقى زليلا والكد يقين
 
لاتعاتب ياوطن لن نستكين.       مشوارنا بدأ وأيقظ الغافلين
 
أنشاء القديرالعالي  المعين.       عنك الكلاب بالعزم  مصرفين
 
وفي قصيدة أخرى يتجلى أفتخاره بشعبه الذي عرف حقوقه ومؤكدا بأن  الفداء مفتاح لنيلها فيقول ممجدا شهداء مهاباد:
 
أمة الكرد أثبتت للعالم أجمعين
شعب حر أبي أبدا صامدلا يلين
حياة عز مبتغاه ومجد الأولين
ند للظالم لايفر عنيد حقه يقين
كريم وللكرم حد وله  قوانين
قوم هكذا لايفنى بل مخلدين
من سقطوا شهداء هم ممجدون
للوطن مهره حق على العاشقين
جنة الخلد مسكن أجر للمكرمين
من لم يكترث فهم الصاغرون
   
مفهوم جديد في زمنه أن يرى في الموت حياة وفي ظلام السجن نورا . 
 
النقدية السياسية الشعرية:
لم تنقصه الجرأة يوما بل كان حاضرا وصوتا للأمة 
يقول مخاطبا  الوفد الذي ذهب إلى بغداد بعد انتفاضة السليمانية بغضب واستنكار لهكذا خطوة واعتبارها تخاذلا ورضوخا:
 
كسرتم من عزمنا وتاجرتم بفخرنا
شوهتم أسمناو ساومتم على هدفنا
أنسيتم شيهدنا ومن  قاتلنا
هيهات نخاف عودوا جورهم لايكسرنا
متينة صلبة لاتلين  دوما عزيمتنا
أيقنوا فنحن طالبوا حق والغد لنا
 
             
الشاعر القدوة:
 
يمتاز التاريخ الادبي الكردي بصفحات مشرقة فسمات الاديب والمناضل والسياسي والثوري تجدها مجتمعة في أسماء عدة
 
والشاعر فائق بيكه س  مثال جلي وواضح لقد كان 
نشاطه السياسي والاجتماعي  السمة الأساسية لحياته والقصيدة كانت أداته وترجمانه وناطقا بأسمه كما إن الجرأة والشجاعة النادرة التي تحلى بها فائق بيكه س باتت مضرب مثل لكل مناضل وقدوة يحتذى بها دوما تجده  في لب الحدث وربما أحد صانعي الحدث أحيانا أخرى بكل عنفوان وعزيمة أنتفض بشعره الجريء وجها لوجه امام  المسؤل الأنكليزي الذي كان  أغلب القوم وقتها يستجدون رضاه وبحضور جمع غفير قرأ قصيدتة النقدية التي أختصرت نضالات ومآسي كل الشعوب المستعمرة بحجة حماية الأمم 
في القصيدة التي ألقاها على مسمع ((ادمونس)) 
يقول بترجمة الى العربية:
 
سبع وعشرون عاما وانت جلادي مستعمري
سرقت  قوتي ووجودي وكسوتي وأرضي
خدمتك في كل البقاع حتى كسرت عودي
حافي القدمين مسكين ماأشغلك شأني
ماذنبي أخبرني ماذنبي؟؟؟
ماذنبي لتحرمني أدميتي وتهدم كل أمنياتي
تحيلني شاردا محروما عدمت طعم حياتي.  

  سخرتني كسرت زراعي جاهلا عدمت ذاتي
ماعرفت معك للحياة سبيلا و ابدا سدا لانجازاتي
شبيه الموتى أنا كيان بلا روح  عديم الصفات
لا تسمع لاتكترث بي لا تفهم ندائي وصرخاتي.   

  تقول انتم الحضر و لكنكم للشعوب سجون و حاميات
كفاكم لا ضمير لكم أوعدل كذبت كل الشعارات
ماذنبي لتقيدني وتعميني وتخرس أصواتي
وانت للأمم حامي إذا اين الحقوق المدونات
للعلم والنور والفرح أوجدت جدرانك المانعات  
معك خابت كل أمالي وأحلامي وتطلعاتي
ماتركتني أتطور وقتلت كل أطواري وانجازاتي
بأي حق صادرت حقي واين أنا من قراراتي
أشبه بالبهائم اصبحنا شوهت أنسانيتي وحياتي
أصرخ أصرخ دوما لاتسمع أنيني ونداءاتي
اين الضمير و اي ذنب اقترفت لتكون ابتلاءاتي
 
الهم الإنساني في شعره:
 
وقف دوما مع الحق كمناضل في الساحات( حتى إن السلطات كانت تشبهه بالشرارة )لذا أرادوا دوما أبعاده عن ملته .  
  تلك الروح التي لم تهدأ أو تستكين ظلت منتفضة وثائرة في وجه كل جور وظلم 
فرأى مأساة المرأة وأستشعر وأحس بمعاناتها 
لقدكان نصيرا مؤمنا بمشاركتها جنبا إلى جنب مع الرجل في نضاله ضد المستعمر فالطيران يحتاج دوما لجناحين
وكذلك وجد إن على الشعوب المظلومة أن تتكاتف فتكاتف العرب والكرد ضرورة لابد منها لطرد المستعمر الإنكليزي ضرورة تنبع من وحدة الجرح المشترك 
 
يقول:
الحرية أجر للفداء مجانا لاتأتي
أي حصاد بلا كد هيهات تجني
رجل وامرأة هما حكما جناحان 
بجناح واحد استحال الطيران
أصدقاؤكم كنا دوما ايها العرب 
يشهد التاريخ مشينا ذات الدرب
يد مفردة هيهات تصفيقا ودأب
 
التبشير بمستقبل أفضل يصنعه جيل متعلم
ولفهم هذا التأثير الثوري للشاعر علينا تذكر الفترة التي عاش فيها والصعوبات وانعدام الوسائل التقنية الحديثة فالخبز على سبيل المثال كان رفاهية عند الأكثرية وأمتلاك كتاب كان كجوزة الهند وأناناس عيد رأس السنة 
يقول بعد ترجمة بتصرف ومرادفة مني بعد الاعتذار من شاعرنا الراحل:
 
فكر التحرر رفاقي كرامة و غيرة
فوز وسمو للعلى شعلةحق منيرة
الكرد اسود والجهل فتنة  وحيرة
عند الكدعلمك رافع قدر وبصيرة
أرم  بالجهل و حرر العقل  الاسير
قوم بلا علم لا ايمان لهم أومصير
بلاقيمة بلاأسم أووزن تابع  للغير 
نضال بلاوعي بلافكر حر له نصير
 كغيم عقيم عدم منه المطر الغزير
 
نقد التفرقة وحالة الشتات الكردي:
 
هذه النقدية نجدها واضحة في قصيدة له تشرح اسباب بقاء الأمة في حالتها   و سبب عدم نيل الكرد لحقوقهم  مجسدا في واقع التفرقة والدواء ابدا هو الاتفاق والتكاتف الكردي يقول:
 
يبقى الكردي مشردا منسيا الى متى 
مجهول الهوية عاريا إلى متى
حسرتي عليك كيانك تشتت
مقامك أسمى من مقام العبيد والجواري
بلسم جراحك ودواء علتك الأتفاق 
تسمو وتفوز إن عالجت هذا الشقاق
 
شاعر الجمال والرقة والطبيعة
رغم إنه لم يجد متسعا في حياته القصيرة والشاقة لكن رومانسيته ورقته وصوره الجميلة بدت في بعض قصائده فتلك الصور نجدها ألهاما ومرشدا لأبنه الشاعر الكبير والعالمي الراحل شيرگو 
في قصائد عدة يتغزل بطبيعة كردستان ولكن غزله لم يخلو من غصة ألم ومن التحريض الثوري:
وطني 
سهول ملونة أية في الجمال 
أرض مكتنزة وماء زلال
 ورد وزهر حسن وكمال
نزهات الربيع ربوعه جنات 
ترابه كنوز و ثروات
منذ الأزل موطن الكردي
لما اسيرا ومقيدا يبقى موطني
أصرفوهم عن وطني
فوطني
عشب طري فتي
يفتن القلوب ويسبي
فراش زينه الورد والزهر
غصن يانع كرمز انبثق وانفطر
موطن الاسود والكرام 
أسيرا يكون حرام حرام
 
الحداثة الشعرية:
 
 له قصيدة تحمل في طياتها بذرة للحداثة الشعرية وصورا إنسانية ورمزية مبهرة  تعلو بقامتها عالية علو الجبال وبكاء الرضيع ففي هذه القصيدة يخاطب أبنه الصغير شيرگو الذي لم ينم ليلته باكيا هذا البكاء ألهمه بقصيدة اشبه بقصيدة للشاعر جگرخوين (لوري لوري )
ويربط بين بكاء أبنه والألم القومي مفسرا بكاء طفله نتيجة كرهه للظلام يقول:
 
شيرگو لاي لايا.  شيرگو لاي لايا
الليل في أخره أيا بني
تأخر الوقت فنم يا قلبي
جبال وسهول ظلمة أكتست
ستائر المساء أسدلت
شيرگو لا ي. لا يا  شيرگو. لاي لايا
لازلت صغيرا على الحزن 
لمى بكاؤك لمى هرب النوم من العين
كطائر انت في رياض الورد
أغفو حتى يبزغ الفجر
بكاؤك الى الأفق سافر
ترجى حق الكرد من عرشه العامر
لما بكاؤك فمساؤنا أخره صباح 
شيرگو لاي  لايا  شيرگو لاي لايا
 
من الملاحظ ومن الملفت للأنتباه 
قصر عمر بعض الشعراء أمثال فائق بيكه س و دلدار وتاهر بگ جاف و. سواره و...
بالإضافة إلى نتاجهم المتميز في هذه الفترة القصيرة من عمرهم إن دل على شيء إنما يدل على عبقرية لامثيل لها وابداع لم يأخذ وقته الكامل عليهم رحمة الله .
 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 7


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات