القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

حوارات: الثورة السورية أعادتني إلى الكتابة.. بعد أكثر من ثلاثين سنة من الانقطاع عن الكتابة فرمز حسين يصدر مجموعة قصصية وكتاباً عن الثورة السورية

 
السبت 03 كانون الأول 2016



 إبراهيم اليوسف 
 
قرأت بواكير قصص فرمز حسين في أواخر سبعينيات القرن الماضي. وكانت من حيث بنائها الفني ولغتها متكاملة وعوالمها متكاملة.  غير أنه انقطع عن الكتابة، بسبب ظروف حياتية مر بها. أدت به إلى السفر بعد ذلك إلى مملكة السويد. كي ينخرط في الحياة الجديدة. وتصبح الكتابة لديها من عداد ماهو مؤجل. بل ماهو منسي. أتذكر، أنني خلال اللقاءات القليلة التي تمت معه بعد ذلك صرت أستحثه على الكتابة، لألمس لديه نوستالجيا إلى تلك المرحلة. بيد أن ذلك لم يتم إلا مع بداية الثورة السورية التي صار من عداد أحد الكتاب الذين انحازوا لها، وتبنوا خطابها في كتاباتهم. لاسيما في بداياتها. قبل أن تنحرف بوصلتها، وتتم سرقتها ممن أشعلوا فتيلها، ميدانياً..!.


  خلال الأسابيع القليلة الماضية صدر للكاتب فرمز حسين كتابان: أحدهما: الهبوط الآمن. وثانيهما:" الفصول السورية".  تناول فيه الثورة السورية على امتداد خمس سنوات ونصف من عمرها. حول عودته إلى القصة. وتجربته مع مجموعته البكر التي تأخرت ولادتها كان لنا معه الحوار التالي:
  
ماذا عن بدايات علاقتك مع القصة القصيرة؟ 
 
لا شك أن للحكايات الشعبية دورها في تأسيس علاقة تآلف مع فن القص. وقد كانت في غالبيتها تنطلق من مفهوم الصراع الأزلي بين قوى الخير و الشر و تمجيد الخصال الحميدة مثل الوفاء و الشجاعة و و صف الجمال الآسر لأبطال تلك الحكايات ثم يأتي الفضول  و حب الاستطلاع ليشكل المفتاح الذي يقود معظمنا فيما بعد إلى القراءة و البحث , نبدأ من خلال الصحف اليومية مثلاً و كل منّا يتأثر ببعض من محتوياتها و من ثم يغوص في مجال أكثر من الآخر و بالنسبة لي كان الأدب عموماً فأصبحت أبحث أكثر فأكثر عن الأسماء الأدبية و الكتب. هكذا كانت البداية معي أيضاً أي الانتقال من قراءة الصفحات الثقافية العامة و التي كانت تزخر  بالشعر و القصة و الكتابات النقدية  إلى الاهتمام بشكل متزايد بالصنف الأدبي الذي كان مؤثرأ أكثر من غيره. و الحقيقة أن قراءتي  للرواية و للكتاب العالميين و كذلك العرب كانت تأخذ الحيز الأكبر  لكن على الرغم من ذلك بقيت كتابة القصة دائماً تجذبني. هكذا بدأت هاوياً لا محترفاً و سأبقى كذلك.
 
ما مصير قصصك الأولى التي كتبتها في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات؟.
 
ضاعت مثلها مثل الكثير من الأشياء القيمة التي نضّيعها في زحمة انتقالاتنا اللاإرادية من محطة  حياة إلى أخرى، بحثاً عن السكينة، و هرباً من الصخب كما وصفتها في إحدى القصص القصيرة جداً في مجموعتي. و كما تعلم في نهاية السبيعينات وبداية الثمانينيات لم تكن هناك أجهزة كومبيوتر متوافرة. و كانت تجربتي المتواضعة في كتابة القصة القصيرة مخطوطة بالقلم و مركونة في إحدى رفوف مكتبتي الصغيرة  في بيتنا الترابي في قرية خزنة حين غادرتها نهاية الثمانينات بداية التسعينيات.
 
لم القصة؟، وليس الشعر، مثلاً؟
 
كنت و لا أزال أجد في القصة فسحة  تتيح لي التعبير عما يجول في خاطري من شؤون و شجون مع إمكانية خلط الشأن العام مع الخاص، و دمج السرد الواقعي مع الخيال دون الحاجة إلى الدخول في التفاصيل الكثيرة!. كما أنني كنت دائماً أرى كما الكثيرون بأن فن القص هو فن القدرة الإبداعية. و هو فن التمكن الذي يمكن اكتساب أدواته من خلال  التجربة و القراءة الكثيرة و سعة الاطلاع.  فيما الشعر فيه من الكتابة الفطرية أو ما يسمى بالإلهام أكثر. و بالتالي فهو موجود عند معظم الشعراء. و لو أن الشعر أيضا كما بقية الأصناف الأدبية بحاجة دائماً إلى الصقل والمواكبة و التحديث.
 
المسافة الزمنية الطويلة بين بدايات علاقتك مع فن القص ومجموعتك القصصية البكر التي صدرت مؤخراً جداً طويلة: ماذا وراء ذلك؟ -
 
الحقيقة أننا مسيرون إلى أبعد حد من خلال الظروف المحيطة بنا و هناك دائماً أولويات تحكمنا. ففي ظل البحث عن الاستقرار و تأمين مستلزمات الحياة الضرورية لك و للمقربين منك تأتي المطالعة و الكتابة في نهاية سلم الأولويات و تحسب كبعض من حالات الترف. زحمة الحياة أخذتنا بعيدأ عن الكثير مما كنّا نحلم به و نود إنجازه و المطالعة و من ثم الكتابة بالنسبة لي هي كانتا أهم تلك الحاجات التي لم أتمكن من منحهما الوقت الكافي.
ها هي بيئتك، هموم ذويك لاتزال حاضرة في ما تكتب. ما مرد ذلك؟
 
 بقيت على دوام التواصل مع الأهل و الأصدقاء، على الرغم من الأعوام الطويلة التي  مرت على مغادرتي الوطن. و بقيت العلاقة قوية دون أن يؤثر ذلك على اندماجي مع المجتمع السويدي ,لكن العودة الفعلية  إلى الكتابة عموماً جاءت مترافقة مع نهضة السوريين في وجه الطاغية و التي أتت على شكل مقالات تتحدث عن الواقع المؤلم الذي عاشه السوريون عموماً و الكرد خصوصاً على مدى عقود من الحكم الشمولي. و مع كتابة المقال عاد الحنين أيضاً كناتج طبيعي لفن القص الذي انقطعت عنه لا إرادياً. و من حينها ثابرت على كتابة المقال و القصة القصيرة معاً . و التأثر بالتحولات المأساوية في الوطن واضح في الصنفين معاً و في مجمل ما كتبت  أي  حتى في الأبحاث و المقالات التي ترجمتها من الإنكليزية أو السويدية و هو التأثير السلبي للنظام الاستبدادي على حياة السوريين و معاناتهم التي استمرت حتى قيام الثورة و التي ساهمت بدورها في خلق بيئة ألم جديد، نتيجة صمت المجتمع الدولي و النفاق السياسي حول ما يتعرض له شعبنا من مجازر منذ الأيام الأولى و حتى يومنا هذا في ظل ارتهان المعارضة السياسية للقوى الإقليمية، و حتى اختطاف الثورة على أيدي الجماعات الدينية المتطرفة و مساهمتها في استمرار الصراع و سد آفاق الخلاص أمام السوريين  و إجبارهم  إلى الهرب من الوطن و ما يتبعه من عذابات الهجرة القسرية و مخاطر السفر!
 
ماذا عن انعكاس بيئتك في السويد التي تعيش فيها منذ ثلاثة عقود في قصصك؟. -ماذا تحدثنا عن علاقتك بالقصة السويدية والأدب السويدي عامة؟. كيف تقوم القصة السويدية؟. -أليس من حق القارىء السويدي أن تكتب إليه بلغته باعتبارك عشت أكثر من نصف عمرك في هذا المكان؟ .
 
الـتأثر في الكتابة  ببيئة السويد يأتي شئنا أم أبينا. فمجرد العيش في بلد تسوده الديمقراطية و حرية الرأي ينعكس بشكل مباشر على رؤيتنا لكل ما نفتقده في بلدان العالم الثالث من تكافؤ للفرص و إمكانية العيش الكريم في دولة تعتبر من أوائل الدول المهتمة بالعلم و الأدب و الثقافة العامة و السلام.  وكما هو معروف بأن الأكاديمية السويدية ترعى تقديم جائزة نوبل أكبر جائزة في العالم. لكنها ليست الجائزة السويدية الوحيدة الأكبر. فهناك أيضاً جائزة باسم كاتبة قصص الأطفال الأسطورة أستريد ليندغرين 1907-2002و التي تأتي تخليدأ لذكراها و تعتبر أكبر جائزة عالمية تمنح لكتاب و رسامي  أدب الأطفال و الشباب. هذا بالإضافة إلى العديد من الجوائز الأدبية المرموقة الأخرى. والأدب السويدي زاخر بالأسماء الكبيرة التي على الرغم من مضي أكثر من قرن على وفاة بعض منهم لايزال لهم حضور قوي و على رأسهم  أوغست سترندبرغ  1889-1907الذي عرف عالمياً ككاتب مسرحي. لكنه كتب الرواية و مارس الرسم و التصوير, يلمار سودربري ,سلمى لاغرلوف , و الشاعرة و الروائية كارين بويه و الشاعر توماس ترانسترمر الذي توفي منذ أقل من عامين وفي كتابة القصة ستيغ داغرمان , بير لاغركفيست, لارس أهلين و غيرهم.  
ثم يأتي كتاب الرواية المعاصرون على سبيل المثال لا الحصر. فالساحة الأدبية السويدية تعج بالأسماء اللامعة: بيراولف انكفيست و يكتب المسرح و الرواية و القصة وحائز على العديد من الجوائز الأدبية الكبرى , بير فيستربيرغ كتب العديد من الروايات و الأبحاث النقدية الأدبية بدأ مسيرته الأدبية وهو في الخامس عشرة من عمره من خلال كتابة مجموعة قصصية بعنوان (صبي فقاعات الصابون )., كريستين ايكمان, ثيودور كاليفاتيديس ذو الأصول اليونانية و القائمة تطول!.
على الرغم من إتقاني للغة السويدية كتابة و قراءة، و ترجمتي للعديد من المقالات السويدية العلمية و الأدبية و السياسية إلى العربية، إلا أنني لم أخض بعد تجربة الكتابة الأدبية و بالتحديد القصة باللغة السويدية لكن فكرة الكتابة موجودة منذ زمن.
بكل تأكيد للقارئ السويدي الحق في قراءة القصة بلغته و هناك اهتمام خاص إذا كان الكاتب ينتمي إلى ثقافتين أو أكثر كما هو حال معظم المهاجرين. هناك لهفة قوية عند القارئ السويدي للاطلاع على كل ما يجري في العالم و تأتي الأحداث التراجيدية التي يتعرض لها مواطنو الشرق الأوسط و على وجه الخصوص ما يجري في سوريا و العراق و قد ظهر هذا التلهف جلياً حين تمت ترجمة كتاب الأديب الكبير نيروز مالك (تحت سماء الحرب) إلى اللغة السويدية و تناولته معظم الصحف الكبرى. بل لا أبالغ إن قلت جميعها و بعض الصحف المحلية باهتمام بالغ و تم نشر نصوص مأخوذة من الكتاب بالإضافة إلى التعريف بالكاتب و مدينته المنكوبة حلب.
كما ذكرت معظم ما كتبت حتى الآن جاء كتوصيف لحالة غياب العدالة الاجتماعية و الركود الفكري الذي فرضه نظام الاستبداد على المواطن و ابتزازه من خلال فرض نفسه كأمر واقع لابديل له!.
 
ما تقويمك للقصة الكردية باللغتين الكردية الأم والعربية؟. -وما تقويمك للقصة السورية التي ما زلت تكتب في إطار أسئلتها؟. -هل سنقرأ ذات يوم رواية فرمز حسين؟.
 
الحقيقة أن اطلاعي على القصة المكتوبة بالكردية قليل جدا لدرجة مخجلة. و لقد حاولت أكثر من مرة أن أتوسع فيها و دائماً يحول ضيق الوقت دون تحقيق ذلك , لكن القصة السورية عموماً لا تزال تحتل موقعها بين الصنوف الأدبية  و لا يخلو المشهد السوري من كتابه الكرد بالعربية. نيروز مالك يمكن تصنيفه الكاتب الوفي  الثاني لفن القصة القصيرة على الرغم من كتابته لعدة روايات لكنه مستمر في كتابة القصة القصيرة حتى هذا اليوم، ومن حلب كما ذكرت آنفاً , هناك أسماء سورية أخرى لامعة لكتاب القصة كردأ و عرباً.  و تبقى الرواية هي أهم  الأصناف  الأدبية التي تحول اليها معظم كتاب القصة و يبقى الوفي الأول لفن القصة هو الكاتب الكبير و رائد القصة السورية و العربية زكريا تامر.
 بالنسبة لي فيما يتعلق بكتابة الرواية مستقبلاً فهو أمر وارد جداً لكن ذلك لا يعني بطبيعة الحال هجر القصة!
 
لقد نشرت قصصك-ورقياً- بين قابي كتاب، بعد أن تم نشرها في أحد المواقع الإلكترونية الأكثر قراءة: ماذا تقول هنا؟. -هل ما زلت تستخدم الورقة والقلم في كتابة نصك القصصي؟
 
الحقيقة أن الزمن قد اختلف فحتى لو تابعنا الكتابة على الورق فلم يعد هناك موقع إعلامي يستقبل الكتابات الورقية و بالبريد التقليدي. بل يجب كتابة النصوص من جديد على الكمبيوتر سواء كان بغرض حفظها و تجميعها أو بغرض ارسالها عن طريق البريد الإلكتروني للنشر. و هذه العوامل المحيطة تضع حداً للكتابة الورقية و تجعلها بلا شك جزءاً من الماضي شئنا أم أبينا!
 
لماذا القصة القصيرة جداً التي أفسحت لها هامشاً لابأس به في مجموعتك هذه؟.
 
القصة القصيرة مثلها مثل أي فن تعرضت للتحديث لتأتي ملائمة مع الواقع الذي تطور مع بداية التسعينيات و الطفرة الالكترونية السريعة جداً التي أدخلتنا في سباق مع الزمن . فجاءت القصة القصيرة جداً و التي تعتبر في حد ذاتها قصة متكاملة في الواقع حتى لو كانت مكونة من جملة واحدة أو بضع جمل. نحن نقرأ يومياً نصوصاً يتم عنونتها على أنها قصص قصيرة جداً و هي على الأغلب تكون مزيجاً من تداخلات شعرية و نثرية و أقرب منها إلى لوحات قصصية عن كونها قصص قصيرة جداً بالمعنى الصحيح و المتكامل. القصة القصيرة جداً هي عملية تكثيف للحدث بحيث يحصل القارئ من خلالها على عصارة مركّزة ثم يتولى بنفسه فكّها
 
ماذا عن مشروعك القصصي المقبل؟. ماذا تقول لنا أخيراً؟.
 
لقد صدر مؤخراً عن دار أوراق القاهرية بالإضافة إلى مجموعتي القصصية كتابا آخر لي حول الثورة السورية بعنوان الفصول السورية و يحتوي الكتاب على مئتين و خمسة خمسين صفحة من القطع المتوسط و يحتوي على  فصول هامة عن الكرد و الثورة السورية و آخر عن المجتمع الدولي وكذلك المعارضة السورية المبعثرة .كما أنني بصدد كتابة مجموعتي القصصية الثانية و التي أتمنى أن ترى الضوء في غضون أشهر قليلة قادمة!؟.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات