القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: من حول كردستان الوطن إلى حلم؟.. الجزء الثاني

 
الأحد 11 كانون الثاني 2015


د. محمود عباس

مرحلة نمو النزعة الكردستانية كوطن  
بعد القضاء على القوى الكردية عن طريق تدمير الإمارات، بدأت الإمبراطورية العثمانية الإسلامية شكلاً، تبث المفاهيم المذهبية في كردستان، لتربطها بذاتها ليس فقط عن طريق الرباط الإسلامي العام، بل على بنية مذهب ذاتي خاص بالإمبراطورية تقف في وجه الاجتياح الشيعي الفارسي للمنطقة، وبثت عن طريق مشايخ المذهبين المنتمين إلى حكام العثمانيين والفرس، في كردستان مفاهيم الإسلام والخلافة من المنظور المذهبي، لربط الشعب الكردي بالمركز عن طريق الرباط المذهبي كدعم للطغيان القومي العسكري، وكثيرا ما فرضوها عن طريق القمع واستخدام العنف الممنهج.


   واجهت هاتين الموجتين المذهبيتين وبقوة أغلب مشايخ التكيات الدينية الكردية، وبأبعاد قومية واضحة، وناهضوهما بحنكة تبينت عند دمجهم الدين بالقومية الكردية، خاصة بعد أن تمكنوا من ملئ الفراغ الحاصل في قيادة كردستان بعد زوال الإمارات وتهجير ونفي الأمراء وأغلبية عائلاتهم، وهذا الدور يشهد عليها قيام العديد من الثورات القومية المقادة من قبل المشايخ، من أقصى غرب كردستان إلى شرقه، من ثورة مشايخ البرزنجي والبرزان إلى  عبيد الله النهري ومشايخ بالو بقيادة الشيخ سعيد، وغيرهم، الذين ملأوا قرناً كاملا  بالثورات والانتفاضات  شملت جميع أرجاء كردستان، رسخوا معها المفهوم القومي الكردي، بل وفي هذه المرحلة تطورت مفاهيم (كلية كردستان) وتوضحت مع إسناد على أبعاد قومية أدق وبمشاركة قوية من الشريحة الصغيرة المثقفة الذين تعلموا في المدن الكبرى، ومعظمهم من أبناء العائلات المتنفذة المنفية عند انهيار الإمارات، وكانت لهذه القيادات الدينية مكانتها بأن قضت على الركود الذي  حاول السلاطين خلقه بعد عمليات القضاء على الإمارات الكردية، ووقفوا قدر الإمكانيات أمام الاجتياحات العثمانية الفارسية الظاهرة في تلك الفترة بشكلها القومي الواضح، ورغم أن الثورات التي قادوها لم تحقق مراميها ولم تبلغ أهدافها، في خلق كردستان مستقلة، وفشلت كما فشل قبلهم الأمراء الكرد، لكنهم رسخوا الكثير ما بناه الأمراء قبلهم، من الفكر القومي الكردي، مع التكامل الجغرافي وتحديد شبه واضح لجغرافية حدود ديمغرافية الكرد.
   ولا شك هؤلاء المشايخ لم يكونوا اقل دراية من الأمراء بالأبعاد السياسية لمستعمري كردستان، وبالعلاقات الدبلوماسية العالمية، والصراعات الدولية، وبالثقافات العالمية، لكنها كانت محصورة في شريحة ضيقة، وقد عوض عن هذا النقص الثقافي والفكري، الشريحة المثقفة المتشكلة من عائلات الأمراء والمتنفذة المنفيين إلى المدن الكبرى أو خارج كردستان، والذين كان بعضهم لا يزال على اتصال ما مع الوطن، ومع المشايخ المتزايدة نفوذهم بين الشعب، وكان لهؤلاء تأثير ما على قادة الثورات من المشايخ لإخراجهم من الإطار الكردستاني إلى محاولة الحصول على دعم من الدول المجاورة أو المستعمرة للمنطقة، فقد حاولوا الاتصال مع قادة الدول الكبرى، وتثبتها رسائل الشيخ سعيد إلى قيادة الاتحاد السوفيتي، وكذلك اتصالاته بالبريطانيين المتبينة من خلال رحلات الميجر صون ممثل السامي البريطاني في العراق إلى آمد ولعدة مرات، ومثلها علاقات الشيخ محمود البرزنجي مع البريطانيين، رغم ما حصل من خلاف والتي كان سببها عنجهية ميجر صون أثناء التعامل مع الشيخ الذي كان يعد ملك كردستان، وكذلك انحياز القنصل السامي البريطاني (برسي كوكس) للعنصر العربي، سببا في بقاء كردستان جزءً من العراق الحالية، فقد كان معجبا بالثقافة العربية، الضابط الذي رسخ أركان المملكة العربية السعودية، والذي وقفه أمامه الملك عبدالعزيز باكيا، قائلا له أنك أبي وأمي، متوسلا إعادة أراضي مملكته التي يستقطعها بطريقته لرسم الحدود، وقد وردت هذه المحادثة في الصفحتين 281-282، ضمن كتاب( كويت وجاراتها) لهارولد باتريك ديكسون الضابط المترجم بينهما، عند تشكيل الكويت ورسم الحدود بين المملكة والكويت، والعراق التي كانت حتى لحظتها تعرف بميزوبوتاميا، ورغم تكرار وزير المستعمرات ونستون تشرشل، المستمرة لبرسي كوكس بفصل كردستان عن كلية العراق، إلا أنه تماطل ولم يرغب بتقسيم ميزوبوتاميا، والمخطط لجلب الملك فيصل الأول عليها ملكا، بعد أن طرد والده من الجزيرة العربية وعينوا آل سعود خلفا لعائلته،  علما أن ونستون تشرشل طلب منه  ومن الحاكم المدني أرنولد ولسون،  في السنتين التي عزل فيها برسي عن القنصلية السامية، في مؤتمر القاهرة عام 1919 بفصل كردستان عن العراق، وكرر الطلب فيما بعد لكنه تماطل فيها، وبعد مجيئه على حكم العراق، عتم على القضية، وبها سجل التاريخ المعروف للعراق، ولولاه لكانت العراق  الأن غير موجودة وكانت كردستان دولة كبقية دول المنطقة، فقد تماطل في مساعدة ثورة الشيخ سعيد رغم الاتصالات التي جرت  بينه وبين الشيخ عن طريق الميجر سون، وهو كان راع مؤتمر خويبون عن طريف قائد حاميته في الموصل والدكتور أحمد صبري، ولمثل هذه المؤامرات التي لم يتمكن قادة الثورات الكردية من التلاعب الدبلوماسي والتذلل كما فعلها الملك سعود، ضاعت الفرص،  ولا يستثنى من هذا قادة ثورات برزان المتعددة، وكيف خدعوا من قبل الثورة البلشفية، والتي تحتاج مطالباتهم لمجلدات كاملة وهو أرشيف واسع.
  اعتبر العديد من المحللين، الكرد منهم بشكل خاص، أن بعض الثورات الكردية المتأخرة، كانت مبنية على الصراعات المذهبية، مسنودة بتأويلات لا تعكس خلفية المفاهيم المسيطرة على الشعب، ودراسات لا تعكس كلية الواقع الجاري في حاضرهم، وجدالات تنتقد سلفا الوعي الكردي الديني، يهملون ويهمشون، بهذه الدراسات الكلاسيكية الدارجة في فترة طغيان المفاهيم الطبقية، البنية التحتية التي كانت تقف عليها كردستان، والمبنية على مدى قرون من طغيان الفكر الإسلامي عليه، وقد كان ذكاءً من قادة الثورات ودراية غريزية مع بعد رؤية، عندما استخدموا سلطاتهم الدينية، في تسخير الفكر الإسلامي لخدمة القومية الكردية، وأكبر مثال على هذا الإدراك القومي الواضح عند بعضهم، وتبينها المقولة المشهورة لقائد الثورة الشيخ عبيد الله النهري، والمذكورة عن الوعي القومي والخلفية الدينية معا، قائلاً: أن أركان الإسلام ستة وليست خمسة، وأضاف عليها بندقية كردية. هذا ما فعله قبلهم بعقود وقرون جميع الشعوب الذين لهم الأن دول وحكومات، كالعرب والترك، والفرس الذين سخروا الإسلام لغاياتهم القومية ولإعادة الإمبراطوريات أو بناء ممالكهم ودولهم...
يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
نشرت في جريدة بينوسا نو العدد(32) الناطقة باسم رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا.
ملاحظة: هذه الحلقات بحوث فرعية للسلسة التي تصدر تحت عنوان (ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان؟)

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات